للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتجديد بيعته، فأعرض عن ذلك، فذهب أبي يبتدئ ذكره فقال: قد بلغنا نبؤكم. فذهب أبي لينهض، فقال: لا أرى الدروب إلا وقد أغلقت، فلو أقمت. فقال أبي: إن الدروب لا تغلق دوني. قال: بلى قد أغلقت. قال: فظن أبي أنه يريد أن يحبسه ليسكن من مسيره، ويريد أن يسأله. قال: فأقيم. قال: يا غلام، اذهب فهيئ لأبي الفضل في منزل محمد بن عبيد الله مبيتاً. فلما رأى أبي أنه يريد أن يخرج من الدار قال: فليس تغلق الدروب دوني. فاعتزم فقام، فلما خرجنا من الدار أقبل علي وقال: يا بني! أنت أحمق. قال: قلت: وما حمقي أنا؟ قال: تقول لي كان ينبغي لك أن لا تجيء، وكان ينبغي إذ جئنا ألا نقيم حتى صليت العتمة، وأن ترجع فتنصرف ولا تدخل، وكان ينبغي إذ دخلت فلم يقم إليك أن ترجع ولا تقيم عليه، ولم يكن الصواب إلا ما علمت كله، ولكن والله الذي لا إله إلا هو - واستغلق في اليمين - لأخلقن جاهي، ولأنفقن مالي حتى أبلغ مكروه أبي عبيد الله.

ثم جعل يضطرب بجهده ولا يجد مساغاً إلى مكروهه، ويحتال الحيل، إلى أن ذكر الرجل الذي كان أبو عبيد الله حجبه، فأرسل إليه: إنك قد علمت ما ركبك به أبو عبيد الله، وقد بلغ مني كل غاية من المكروه، وقد أذعت أمره بجهدي، فما وجدت عليه طريقاً، فعندك حيلة في أمره؟ فقال: إنما يؤتى أبو عبيد الله من وجوه ثلاثة: يقال هو جاهل بصناعته، وأبو عبيد الله أحذق الناس؛ أو يقال هو ظنين في الذي يتقلده، وأبو عبيد الله أعف الناس، لو كانت بنات المهدي في حجره لكان لهن موضعاً؛ أو يقال هو يميل إلى أن يخالف السلطان، فليس يؤتى أبو عبيد الله من ذلك، إلا أنه يميل إلى القول بالقدر، وليس يتسلق عليه بذاك، ويقال هو متهم في الله، فعند أبي عبيد الله عقد وثيق، ولكن هذا كله مجتمع لك في ابنه. فتناوله الربيع فقبل بين

<<  <  ج: ص:  >  >>