وأخرجوه من عندهم لا يبصر شيئاً، فوقع في وادي يهودي فيه حيران، فجعل لله إن رد عليه لسانه وبصره أن لا يدل عليه، وأن يكون من تبعه، يحفظه حيث ما كان، فعرف الله منه الصدق، فرد عليه بصره ولسانه، فخر لله ساجداً وقال: يا رب! دلني على هذا العبد الصالح. فدله الله عليه، فخرج من الوادي فآمن به وصدق به، وعلم أن ذلك من الله.
وانطلقت أم موسى بالتابوت إلى منزلها فمهدت فيه لموسى ثم لفته في الخرق، ثم أدخلته التابوت، فأطلقت عليه، فنظرت ألسحرة والكهنة إلى نجم موسى، فإذا مجمه ورزقه قد غاص في الأرض، وخفي عليهم نجمه، وذلك حين أدخلته أمه في التابوت، فخفي على الكهنة، فلما أبصروا ذلك فرحوا فرحاً شديداً، ورفعوا أصواتهم بالغناء، وأسرعوا البشارة إلى فرعون وهم يظنون أن قد ظفروا بحاجتهم، وأن موسى قد قتل فيمن قتل من ولدان بني إسرائيل فقالوا: أيها الملك! إن نجم المولود الذي تحذر مه غاص في الأرض وذهب رزقه. ففرح فرعون وذهب عنه الغم، وظن أنها ستراح منه، فأمر للكهنة والسحرة بجوائز وكسوة، وأمر بالجهاز والخروج من الإسكندرية، وكان لفرعون يومئذ ابنة، لم يكن له ولد غيرها، وكانت من أكرم الناس عليه، وكان لها كل يوم ثلاث حاجات ترفعها إلى فرعون، وكان بها برص شديد مسلخة برصاً، وكان فرعون جمع لها أطباء مصر والسحرة، فنظروا في أمرها وقالوا: إنها لا تبرأ إلا من قبل البحر، يؤخذ منه شيء شبه الإنسان، فيؤخذ منه ريقه فيلطخ به برصها فتبرأ من ذلك، وذلك في يوم كذا وكذا حين تشرق الشمس، فلما كان يوم الإثنين غدا فرعون إلى مجلس كان له على شفير النيل، ومعه امرأته آسية، وأقبلت ابنة فرعون في جواريها حتى جلست على شاطئ النيل، فبينا هي كذلك مع جواريها تنضح الماء على وجوههن وتلاعبهن، وعمدت أم موسى إلى التابوت فقذفته في النيل، فانطلق الماء بالتابوت حتى توارى عنها، فجاء الشيطان فندمها وأنساها ما كان الله عز وجل ألهمها إذ جعلته في التنور، فجعل الله عليه النار برداً وسلاماً؛ وندمت حين جعلته ي التابوت وقالت: لو ذبح ابني بين يدي كنت