للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جرية الماء ثم ارتفع فهو يكفلها، فألقوا أقلامهم في نهر الأردن، فارتفع قلم زكريا في جرية الماء، فقالوا: نقترع الثالثة، فمن جرى قلمه مع الماء فهو يكفلها، فألقوا أقلامهم فجرى قلم زكريا مع الماء، وارتفعت أقلامهم في جرية الماء، وقبضها عند ذلك زكريا، فذلك قوله عز وجل: " وكفلها زكريا " يعني وقبضها، ثم قال: " فتقبلها ربها بقبول حسن وأنبتها نباتاً حسناً " يعني ورباها تربية حسنة في عبادة وطاعة لربها حتى ترعرت، وبنى لها زكريا محراباً في بيت المقدس، وجعل بابه في وسط الحائط، لا يصعد إليها إلا بسلم، وكان استأجر لها ظئراً، فلما تم لها حولان طعمت وتحركت، فكان يغلق عليها الباب، والمفتاح معه، لا يأمن عليه أحداً، لا يأتيها بما يصلحها غيره حتى بلغت.

وقيل: إنهم لما خرجوا إلى نهر الأردن، وألقوا أقلامهم التي يكتبون بها، أيهم يقوم قلمه فيكفلها، فجرت الأقلام، وقام قلم زكريا على قرنته كأنه في طين، فأخذ الجارية.

أصاب بني إسرائيل أزمة، ومرين عند زكريا على حالها حتى ضعف زكريا عن حملها، فخرج على بني إسرائيل فقال: تعلمون أني قد ضعفت عن حمل ابنة عمران، فقالوا: ونحن قد جهدنا من حمل هذه السنة، فتقارعوا بينهم، فخرج السهم على رجل من بني إسرائيل نجار، يقال له: جريج، فعرفت مريم في وجهه شدة مؤونة ذلك عليه، فقالت: يا جريج، أحسن الظن بالله، فإن الله سيرزقنا.

فجعل الله يرزق جريجاً لمكانها منه، فيأتيها كل يوم رزقها غدوة وعشية وهي في الكنيسة.

قال ابن عباس: فكان زكريا يقوم بشأنها، فكانت إذا حاضت أخرجها إلى منزله من محرابها،

<<  <  ج: ص:  >  >>