قال أحمد بن محمد الأديب البشتي المعروف بالمولى: خرجت إلى بخارى بقصيد؛ مدحت بها الشيخ أبا الفضل البلعمي، فوصلت إليه، وقد أحس بموجدة السلطان، وقد أثر ذلك فيه.
فحضرت الديوان غير مرة لأصادف منه خلوة أو في المنزل، فلم أصادفها، فقرأ يوماً قصة لبعض المتصلين به، فرفع رأسه إلى الكتبة، فقال: من يحفظ منكم قول البحتري في مساعدة الزمان ومعاندته؟ فسكتوا عن آخرهم، فقمت، فقلت: أنا أحفظها، فقال: هاتها، فأنشدته:" من الطويل "
خليلي إن كان الزمان مساعدي ... وآذيتماني لم يضق عنكما صدري
ولكن إذا كان الزمان معاندي ... فإياكما أن تؤذياني مع الدهر
فقال: أحسنت، ارفع حاجتك، فقلت: أعزك الله، معي قريض من نيسابور، فقال: هاته، فأنشدته القصيدة، فوصلني وقضى حوائجي.
ومن شعره:" من المتقارب "
إذا المرء لم يرض ما أمكنه ... ولم يأت من أمره أزينة
وأعجب بالعجب فاقتاده ... وتاه به التيه فاستحسنه
فدعه فقد ساء تدبيره ... سيضحك يوماً ويبكي سنة
مرض البحتري، فوصف الطبيب له مرقدة، فقال بعض إخوانه: عندي أحذق خلق الله بها، ومضى ليوجه بها، فلم يفعل، فكتب إليه البحتري:" من البسيط "