تميم بن زيد لا تكونن حاجتي ... بظهر فلا يعيا علي جوابها
وهب لي خنيساً واحتسب فيه منة ... لعبرة أم ما يسوغ شرابها
أتتني فعاذت يا تميم بغالب ... وبالحفرة السافي عليها ترابها
وقد علم الأقوام أنك ماجد ... وليث إذا ما الحرب شب شبابها
فلما قرأ تميم الكتاب لميدر حبيش، أم خنيس، فقال: انظروا من كان في هذا العسكر له هذا الاسم، فرجعوا به إلى الفرزدق، فأصابوا ستة نفر من خنيس وحبيش فوجه بهم إليه، وقيل إنه لما حضر إليه الستة نفر: سأل عن ابن العجوز البصرية فقال أحدهم: أنا هو، فكتب له منشور ونقل عطاؤه إلى البصرة، وكتب منشوراً: لا يزعجه أحد حتى يقول هو: قد فرغت من حاجة تميم بن زيد، وأعطاه ألف درهم، وحمله على البريد إلى البصرة، وأجاب الفرزدق عن كتابه، ووجه مع الجواب عشرة آلاف درهم ثم تأمل الخمسة الباقين، فقال: قد أتي بكم وكل واحد منكم يرجو، والرجاء ذمام، والله لا خيبت آمالكم، فكتب لكل واحد منهم منشوراً، وأمر لهم بنفقاتهم إلى مواطنهم.
قال عبد الكريم: دخلت على الفرزدق، فتحرك، فإذا في رجليه قيد، فقلت: ما هذا يا أبا فراس؟! قال: حلفت ألا أخرجه من رجلي حتى أحفظ القرآن.