نفساك الأغر ابن عبد العزيز ... بحقك تنفى عن المسجد
وشبهت نفسك أشقى ثمود ... فقالوا ضللت ولم تهتد
وقد أخروا حين حل العذاب ... ثلاث ليال إلى الموعد
قدم الفرزدق المدينة في سنة جدبة، فمشى أهل المدينة إلى عمر بن عبد العزيز، وهو يومئذ أميرها فقالوا: إن الفرزدق قدم في هذه السنة الجدبة التي قد حلقت أموالها، وليس عند أحد ما يعطيه، فلو أن الأمير بعث إليه وأرضاه، وتقدم إليه ألا يعرض لأحد بمدح ولا هجاء. فبعث إليه عمر: إنك يا فرزدق قدمت مدينتنا هذه في هذه السنة الجدبة، وليس عند أحد ما يعطيه شاعراً، وقد أمرت لك بأربعة آلاف درهم، فخذها، ولا تعرض لأحد بمدح ولا هجاء. قال: فأخذها الفرزدق، ومر بعبد الله بن عمرو بن عثمان، وهو جالس في سقيفة داره، وعليه مطرف خز وجبة حمراء فقال:
أعبد الله أنت أحق ماش ... وساع بالجماهير الكبار
فللفاروق أمك وابن أروى ... أبوك فأنت منصدع النهار
هما قمرا السماء وأنت نجم ... به في الليل يدلج كل سار
فخلع عليه جبته والمطرف والعمامة، ودعا له بعشرة آلاف درهم، فسمع ذلك عمر بن عبد العزيز، فبعث إليه عمر: ألم أتقدم إليك يا فرزدق ألا تعرض لأحد بمدح