جفوت وما فيما مضى كنت تفعل ... وأغفلت من لم تلفه عنك يغفل
وعجلت قطع الوصل في ذات بيننا ... بلا حدث أو كدت في ذاك تعجل
فاصبحت لولا أنني ذو تعطف ... عليك بودي صابر متحمل
أرى جفوة او قسوة من أخي ندىً ... إلى الله فيها المشتكى والمعول
فأقسم لولا ان حقك واجب ... علي وأني بالوفاء موكل
لكنت عزوف النفس عن كل مدبر ... وبعض عزوف النفس عن ذاك أجمل
ولكنني أرعى الحقوق واستحي ... واحمل من ذي الود ما ليس يحمل
فإن مصاب المرء في أهل وده ... بلاء عظيم عند من كان يعقل
قال ابن أخي دعبل: أنشدني أبي قال: أنشدنا يحيى بن أكثم:
أما ترى كيف طيب ذا اليوم ... وكيف سألت مدامع الغيم
وكيف يسري الندى بأدمعه ... فهب نواره من النوم
لو سيم ذا اليوم لاشتراه أخ اللهو ولو كان غالي السوم
ونحن ظامون في صبيحتنا ... فامنن علينا بشرب ذا اليوم
جاء رجل يسأل يحيى بن أكثم فقال له: إيش توسمت في؟ أنا قاض، والقاضي يأخذ ولا يعطي، وأنا من مرو، وأنت تعرف ضيق أهل مرو، وأنا من تميم، والمثل إلى بخل تميم.
لما قدم يحيى بن أكثم مع المأمون دمشق كان ينظر في أمور الناس، فدخل إليه رجل يوماً فكلمه بكلام لا يصلح، فأمر بحبسه، فركب إليه المشايخ في العشي - قال ابن ذكوان وكان فيهم -: فكلمناه وسألناه يخليه، فقال: ما أنا حبسته، فكأنا أنكرنا ذلك من قوله: قال: الحق حبسه، والحق يطلقه.
كان يحيى بن أكثم وقاعة في الناس شريراً، وكان يغري المأمون بالناس، ويقع فيهم عنده، وكان يثني على عمرو بن مسعدة ويقرظه، ويذكر حسن صناعته وفراهته ويصحبه، فدخل عمرو على المأمون فقال: يا أمير المؤمنين، بلغني أن يحيى بن أكثم