في وحلة، فنادى يا لعباد الله، فما أدركت منه إلا مفاضه في الطين، فلأن أكون أدركت من متاعه شيئاً، فأخرجه من تلك الوحلة أحب إلي من دنياكم التي ترغبون فيها.
وكانوا يرون يزيد بن الأسود من الأبدال. ولقد حلف - وبر - ألا يضحك، ولا ينام مضطجعاً، ولا يأكل سميناً أبداً، فما رئي ضاحكاً ولا مضطجعاً ولا أكل سميناً حتى مات، رحمه الله.
وعن سليم بن عامر أن السماء قحطت، فخرج معاوية بن أبي سفيان وأهل دمشق يستسقون.
فلما قعد معاوية على المنبر قال: أين يزيد بن الأسود الجرشي، فناداه الناس، فأقبل يتخطى الناس، فأمره معاوية، فصعد المنبر، فقعد عند رجليه، فقال معاوية: اللهم، إنا نستشفع إليك اليوم بخيرنا وأفضلنا، اللهم، إنا نستشفع إليك اليوم بيزيد بن الأسود الجرشي، يا يزيد، ارفع يديك إلى الله، فرفع يزيد يديه، ورفع الناس أيديهم، فما كان أوشك أن ثارت سحابة في الغرب، كأنها ترس، وهبت لها ريح، فسقينا حتى كاد الناس ألا يبلغوا منازلهم.
أصاب الناس قحط بدمشق، وعليها الضحاك بن قيس، فخرج بالناس يستسقي، فقال: أين يزيد بن الأسود الجرشي؟ فلم يجبه أحد، قال: أين يزيد بن الأسود؟ فلم يجبه، ثم قال: أين يزيد بن الأسود، عزمت عليه إن كان يسمع كلامي إلا قام، فقام وعليه برنس، واستقبل الناس بوجهه، ورفع جانبي برنسه على عاتقيه، ثم رفع يديه ثم قال: أي رب، إن عبادك قد تقربوا بي إليك فاسقهم، فانصرف الناس وهم يخوضون الماء، فقال: اللهم، إنه شهرني فأرحني منه، فما أتت جمعة حتى قتل الضحاك.
ولما وقعت الفتنة قال الناس: نقتدي بهؤلاء الثلاثة، يزيد بن الأسود،