العبدي، فأجاره، وكانت بحرية بنت المنذر عند عبيد الله بن زياد، وبلغ عبيد الله الذي كان من هجاء ابن مفرغ عباداً، وهو عند معاوية، فقال له: إن ابن مفرغ هجاناً، فأذن لي في قتله، فقال معاوية: أما قتله فلا، ولكن ما دون القتل. فلما قدم عبيد الله البصرة لم يكن همه إلا ابن مفرغ، فسأل عنه، فقيل له: أجاره ابن الجارود، وهو في داره، فأرسل إلى المنذر، فسأله، فأتاه. فلما دخل عليه أرسل عبيد الله الشرط إلى دار المنذر، فأخذوا ابن مفرغ، فأتوا به عبيد الله بن زياد، فلم يشعر به المنذر حتى رآه واقفاً عليه، وعلى عبيد الله، فقام المنذر إلى عبيد الله، فكلمه فيه فقال: إني أجرته، فقال له عبيد الله: يا منذر، ليمدحن أباك ويهجون أبي، وليمدحنك ويهجوني، ثم أرضى بذلك؟! لا والله، فخرج المنذر من الدار، وحبس ابن مفرغ، وأسلم إلى الحجامين، وهو حيث يقول:
وما كنت حجاماً ولكن أحلني ... بمنزلة الحجام نأيي عن الأهل
وهجا من أجاره وأخفره. وكان مما هجاهم به ابن زياد:
شهدت بأن أمك لم تباشر ... أبا سفيان واضعة القناع
ولكن كان أمراً فيه لبس ... على وجل شديد وارتياع
وقيل: إن عبيد الله أمر به، فسقي دواء، ثم حمل على حمار على إكاف، فجعل يطاف به، وهو يسلح في ثيابه، ويمر به في الأسواق، فقال للمنذر بن الجارود: