للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قوله: (في الجماعات المستحبة) (١) احتراز عن جماعة النساء على ما ذكر بعد هذا، فإن قيل: هذه التكبيرات شُرعت تبعًا للمكتوبات، ولا يجوز أن يشترط للتبع ما لا يشترط للمتبوع، قلنا: نعم إلا أنّ هذه التبعية عرفت له شرعًا، بخلاف القياس، فإنّه لم يشرع في غير هذه الأيام، فيُراعي لهذه التبعية جميع الشرائط التي ورد النص بها، والنص جعل من إحدى شرائط إقامته المصر وجب أن يشترط القوم الخاص، والجماعة كما في الجمعة، والعيد، واختلف المشايخ على قول أبي حنيفة -رحمه الله- أن الحرية هل هي شرط لوجوب هذه التكبيرات؟.

وفائدة الخلاف إنما يظهر فيما إذا أَمّ العبد قومًا في صلاة مكتوبة في هذه الأيام هل يجب عليه التكبير؟ فمن شرط الحرية قال: بأنّ الذكورة، والمصر شرط لإقامته مقصودًا، فكذا الحرية قياسًا على الجمعة والعيد، ومن لم يشترط الحرية قال: لم يشترط لإقامته السلطان فلا يشترط الحرية كسائر الصلوات، وإنما لم يشترط لإقامته السلطان عند أبي حنيفة -رحمه الله- لما حكى عن الشيخ الإمام محمد بن الفضل -رحمه الله- (٢): أن التكبير يشبه صلاة العيد من حيث [إنه يشترط] (٣) لإقامته المصر بالنص كما شُرط لإقامة الجمعة، والعيد، ويشبه سائر الصلوات من حيث إنه يقام في يوم واحد خمس مرات، فكان له حظ من الخصوص، والعموم فلشبهه بالخصوص شرطنا القوم الخاص، والجماعة، ولشبهه بالعموم لم يشترط السلطان توفيرًا على الشبهين حظهما بقدر الإمكان، وأمّا المسافرون إذا صلّوا جماعة في مصر، ففيهم روايتان، وليس عقيب صلاة الوتر تكبير أما عندهما فلأنها سنة، وليست بمكتوبة، وأمّا عند أبي حنيفة، وإن كانت فرضًا إلا أنها لا تؤدّى بالجماعة [في هذه الأيام] (٤). كذا في «المحيط» (٥).


(١) ينظر: الهداية شرح البداية: ١/ ٨٦.
(٢) محمد بن الفضل أبو بكر الفضلي الكماري، نسبة إلى كمار قرية ببخارى. فقيه، مفت. قال اللكنوي: كان إمامًا كبيرًا وشيخًا جليلًا معتمدًا في الرواية مقلدًا في الدراية، ومشاهير كتب الفتاوى مشحونة بفتاواه ورواياته، أخذ الفقه عن عبد الله السبذموني، وأبي حفص الصغير وغيرهما. وتفقه عليه القاضي أبو علي الحسين بن الخضر النسفي، والحاكم عبد الرحمن بن محمد الكاتب وعبد الله الخيزاخزي وغيرهم. ينظر: الجواهر المضية: ٢/ ١٠٧، الفوائد البهية: ص ١٨٤.
(٣) في (ب): "شرط".
(٤) [ساقط] من (ب).
(٥) ينظر: المحيط البرهاني: ٢/ ٢٣٧.