للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قوله على ما ذكرناه وهو قوله: وله أنّ الملك قائم في الموطوءة إلى قوله: ولهذا حلّ وطئهما (١).

قوله: أمّا إذا شهدا أنّه أعتق أحد عبديه في مرض موته بيان قوله إلا أن يكون في وصية؛ لأنّ التّدبير حيث ما وقع وقع وصيّة، أي سواء وقع في حالة الصحّة أو في حالة المرض وللاستحسان وجهان:

أحدهما: أنّ الإعتاق في مرض الموت وصية والوصيّة إيجاب بعد الموت وإيجاب العتق بعد الموت إيجاب للعبدين؛ لأنّه أوجب العتق في أحدهما في حال عجزه عن البيان فكان إيجابًا لهما فيصح دعواهما.

والثّاني: أنّ الإعتاق في مرض الموت وصية وتنفيذ الوصايا حق الميّت فكان الميّت مدّعيًا تقديرًا فتقبل الشّهادة، وإن شهدا بعد موته أنّه أعتق أحد عبديه في صحّته لا نصّ فيه عن أبي حنيفة -رحمه الله- واختلف المشايخ فيه؛ قال بعضهم لا يقبل؛ لأنّ الإعتاق في الصحّة لا تكون وصيّة فلم يكن الميّت مدّعيًا تقديرًا.

وقال بعضهم يقبل؛ لأنّ العتق شاع فيهما بعد الموت فيصح دعواهما والله أعلم بالصّواب.

بَابُ الحَلِفِ بالعِتْقِ (٢)

لما فَرَغَ من أنواع التنجيز (٣) من العتق شرع في بيان مسائل التّعليق منه إذ التعليق قاصر في السّببية عن التنجيز، فلذلك أخر ذكره، ثم المراد من الحلف بالعتق هو أن يجعل العتق جزاء حلفه.

(ومن قال إذا دخلت الدّار فكلّ مملوك لي يومئذٍ فهو حرّ، وليس له مملوك فاشترى مملوكًا ثم دخل عتق) لأنّه صرح به في كلامه بإيجاب العتق لما يكون في ملكه وقت الدّخول.

فقوله يومئذ عبارة عن الوقت؛ أي حينئذ وما استحدث الملك فيه بهذه الصّفة عند الدخول فصار هو عند الشّراء كأنّه علّق عتقه بدخول الدّار، كذا ذكره الإمام شمس الأئمة -رحمه الله- في الجامع الصّغير (٤).

فإن قيل: ينبغي أن لا يعتق هنا، وإن كان قال يومئذ؛ لأنّه ما أضاف العتق إلى الملك ولا إلى سبب الملك، كما إذا قال لعبد الغير إن دخلت الدّار فأنت حرّ فاشتراه ثمّ دخل الدّار لا يعتق لعدم الإضافة إلى الملك أو إلى سببه.


(١) " وطئهما " هكذا في (أ) و (ب)، والصواب: وطؤهما.
(٢) أي هذا باب في بيان حكم الحلف بالعتق، والحلف بكسر اللام مصدر من حلف بالله يحلف حلفاً. والحلف أن يجعل العتق جزاء على الحلف بأن يعلق العتق بشيء. انظر: البناية (٦/ ٧٠).
(٣) التنجيز: هو التَّعْجِيلُ.
انظر: الصحاح (٣/ ٨٩٧)، المغرب (١/ ٤٥٦)، طلبة الطلبة (١/ ٥٨)، (نجز).
(٤) انظر: الجامع الصغير وشرحه النافع الكبير (١/ ٢٤٨).