للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وإن قبله الأب عنها ففيه روايتان: هذا القبول هو في معنى الشرط في رواية يصحّ؛ لأنّ هذا نفع محض، لأنّ الصغيرة تتخلّص عن عهدته بغير مال فصحّ من الأب كقبول الهبة (١).

وفي رواية لا يصح؛ لأنّ هذا القبول بمعنى شرط اليمين، وذلك ممّا لا يحتمل النيابة كذا في «المبسوط» (٢) لفخر الإسلام (٣).

(وَإِنْ ضَمِنَ الْأَبُ الْمَهْرَ) أي في صورة خلع الأب مع الزّوج.

وَيَلْزَمُهُ خَمْسُمِائَةٍ، أي يلزم الأب خمسمائة.

اسْتِحْسَانًا؛ لأنّ المسألة مصوّرة فيما إذا لم يدخل الزّوج بها، بدليل إيراد أصل هذه المسألة في الكبيرة التي لم يدخل بها، ثم لما كانت الصغيرة غير مدخول بها، وكان المهر ألفاً فأضافت الخلع إلى مهرها، ومهرها ما يجب لها بالنكاح، والواجب لها بالنكاح في الطّلاق قبل الدخول نصف المهر، وذلك خمسمائة، فكأنّه خالعها على خمسمائة صريحًا، وذكرنا قبيل هذا وجه الاستحسان والقياس عن الذخيرة (٤).

ففي القياس عليها خمسمائة زائدة تجر زايدة؛ لأن الصفة تتبع المضاف إليه في الإعراب كما في قوله تعالى: {سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ} (٥)، هكذا قال شيخي (٦) -رحمه الله- مراراً والله أعلم (٧).

[باب الظهار]

لمّا شَرَعَ في بيان التحريمات الأربع التي ذكرناها في أوّل الإيلاء وذكر منها الطّلاق والإيلاء فبقي الظهار واللعان، بدأ بذكر بيان الظهار، وقدّمه على اللعان؛ لما أنّه أقرب إلى الإباحة من سبب اللعان، فإن سبب اللعان عند إضافته إلى غير منكوحته موجب لحدّ القذف (٨) فموجب الحدّ معصية محضة بغير شائبة الإباحة.


(١) من الوهب، وَهِيَ تَمْلِيكُ الْمَالِ بِلَا عِوَضٍ. ينظر: (فتح القدير للكمال ابن الهمام ٩/ ١٩)
(٢) مبسوط فخر الإسلام، لعلي بن محمد البزدوي. المتوفى: سنة اثنتين وثمانين وأربعمائة، في: أحد عشر مجلدًا. ينظر: كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون (٢/ ١٥٨١) ..
(٣) ينظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (٢/ ٢٧٤).
(٤) المحيط البرهاني في الفقه النعماني (٣/ ٣٩٣).
(٥) سورة يوسف (الآية/ ٤٣).
(٦) إذا قال شيخي فالمراد به محمد بن محمد بن نصر البخاري كما نص على ذلك في المقدمة.
(٧) ينظر: البناية شرح الهداية (٥/ ٥٢٩).
(٨) وَالْقَذْفُ لُغَةً الرَّمْيُ بِالشَّيْءِ، وَفِي الشَّرْعِ: رَمْيٌ بِالزِّنَا، وَهُوَ مِنْ الْكَبَائِرِ بِإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ. ينظر: (فتح القدير للكمال ابن الهمام ٥/ ٣١٦).