للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[كتاب الولاء] (١)

إيراد كتاب الولاء بعد ذكر المكاتب ظاهر التناسب؛ لأنه أثر من آثار التعاقب، وفيه أيضا تفاؤل لما عسى يحصل من إخماد ثمرة التكسب (٢) وهو المرجح لا يراد هنا دون عيب الإعتاق، إذ ذاك ثابت هناك من غير تردد على الإطلاق.

وأما إيراد ولاء الموالاة فلأن له مشاركة بولاء العتاقة في اللفظ والحكم. أما اللفظ فظاهر فإن كلا منهما يسمى ولاء، وكذلك الحكم فإن كلا منهما سبب الإرث.

أما محاسن الولاء ظاهرة، فإن فيه مجازات الإحسان بالإحسان، وهي سنة من سنن الرحمن، وما سن الله تعالى من الإحسان فهو حسن [لذاته] (٣)؛ ولأن فيه شكر المنعم، وحسن شكر المنعم بالغ [مبلغ لا مجرى فيه الفسخ] (٤)؛ ولأن فيه تقوية الضعيف نصره اللهيف (٥)، والتحاما بلحمة الانتساب لا يأوي ولا يوفيه أحد بالأقرب إليها. أشار النبي -عليه السلام- في قوله: «وإن مات ولم يدع وارثا كنت أنت عصبت» (٦).


(١) ساقطة من (أ).
(٢) التكسب: الكسب طلب الرزق وأصله الجمع كسب يكسب كسبا وتكسب واكتسب.
انظر: لسان العرب لابن منظور (٥/ ٧١٧)، مختار الصحاح للجوهري (٣/ ١٢٣).
(٣) في (أ) ذاته وفي (ب) لذاته والصحيح المثبت ما ذكر في (ب).
(٤) في (ب) مبلغا لا يجري فيه الشح.
(٥) اللهيف: لهف من باب فهم أي حزن وتحسر وكذا التلهف على الشيء. والملهوف المظلوم يستغيث واللهيف المضطر. واللهفان المتحير. انظر: مختار الصحاح (ص: ٢٨٦).
(٦) أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج إلى البقيع فرأى رجلا يباع، فساوم به ثم تركه، فاشتراه رجل فأعتقه، ثم أتى به النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني اشتريت هذا فأعتقته، فما ترى فيه؟ قال: "أخوك ومولاك"، قال: ما ترى في صحبته؟ قال: "إن شكرك فهو خير له وشر لك، وإن كفرك فهو خير لك وشر له"، قال: ما ترى في ماله؟ قال: "إن مات ولم يدع وارثا فلك ماله".
أخرجه: البيهقي في سننه (٦/ ٢٤٠)، كتاب الميراث باب الميراث بالولاء حديث رقم ١٢١٦٢، والدارمي في سننه (٢/ ٤٦٨)، كتاب الميراث باب الولاء حديث رقم ٣٠١٢.
وأعله بيحيى بن أبي أنيسة وأسند تضعيفه عن البخاري والنسائي وأحمد وابن المديني وابن معين قال وأخوه زيد بن أبي أنيسة ثقة وقال في أخيه يحيى هكذا إنه كذاب ووافقهم بن عدي على ذلك وقال هذا الحديث ليس بمحفوظ.
انظر: نصب الراية (٤/ ١٥٢) درجة الحديث: هذا الحديث قال عنه البيهقي: هكذا جاء مرسلا.
انظر: السنن الكبرى للبيهقي (٦/ ٢٤٠).