للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكر في «المبسوط» (١) فهو نظير ما قال الوصي: استوفيت [جميع] (٢) ما للميت على غريمه فلان، وهو ألف درهم، وقال الغريم: بل كان عليَّ ألفا درهم، وقد أوفيتك جميع ذلك، فالوصي ضامن للألفين، ولا شيء له على الغريم، ولو قال: استوفيت من الغريم ألف درهم، وهو جميع ما للميت عليه فقال: فلان كان عليَّ ألفا درهم، وقد أوفيتك الكل؛ فللوصي أن يرجع عليه بألفٍ أخرى، والفرق ما بينا، وهو أن البائع إذا بدأ بإقرار قبض جميع الثمن قبل أن يبين مقداره، فقد انتهى حكم للعقد (٣) في حقه، وصار هو كالأجنبي (٤) فلا قول له بعد ذلك في بيان مقدار الثمن، فيكون القول قول المشتري.

وأما إذا بدأ ببيان مقدار الثمن قبل أن يقر بقبضه، فقد ظهر أن الثمن ذلك القدر يخبره؛ لأن الشرع جعل القول قوله ما لم يصل إليه الثمن، وثبت للشفيع حق الأخذ بذلك الثمن، فلا يبطل ذلك عليه بإقرار البائع بقبض الثمن بعد ذلك.

وذكر في «الإيضاح»: وروى الحسن (٥) عن أبي حنيفة -رحمه (٦) الله- أن المبيع إذا كان في يدي البائع، وأقر (٧) بقبض الثمن، وزعم أنه ألف، فالقول قوله؛ لأن التملك يقع على البائع، فيرجع إلى قوله. والله [تعالى] (٨) أعلم بالصواب (٩).

* * *

[فصل فيما يؤخذ به المشفوع]

لما فرغ من بيان أحكام المشفوع وهو الأصل؛ لأنه المقصود من حق الشفعة شَرَع في بيان ما يُؤخذ به وهو البيع؛ لأن الذي يؤخذ به المشفوع هو الثمن الذي يؤديه [به] (١٠) الشفيع، والثمن بيع؛ لأن الثمن ما بقي، أي: الذي بقي، بخلاف حط الكل؛ لأنه لا يلتحق بأصل العقد، وذلك لأن [حط] (١١) جميع الثمن لو التحق بأصل العقد؛ فإما أن يصير العقد هبة ولا شفعة للشفيع في الهبة، أو يصير بيعًا بغير ثمن فيكون فاسدًا ولا منفعة في البيع الفاسد، فعرفنا أنه لا يمكن إلحاق [حط] (١٢) الجميع بأصل العقد في حق الشفيع، بخلاف حط البعض.


(١) ينظر: المبسوط: ١٤/ ١٠٧.
(٢) ساقطة من: (ع).
(٣) في (ع): «العقد».
(٤) في (ع): «كأجنبي».
(٥) الحسن بن زياد الأنصاري أبو علي مولاهم، العلامة، فقيه العراق، الكوفي، اللؤلؤي، صاحب أبي حنيفة، نزل بغداد، وصنّف، وتصدر للفقه، صنَّف كتاب «المقالات»، وله: كتاب «المجرد لأبي حنيفة»، وكتاب «أدب القاضي»، وكتاب «الخصال»، وكتاب «معاني الإيمان»، وكتاب «النفقات»، وكتاب «الخراج»، وكتاب «الفرائض»، وكتاب «الوصايا»، توفي سنة ٢٠٤ هـ. ينظر: تاج التراجم: ص ١٥٠، والجواهر المضية: ١/ ١٩٣، وسير أعلام النبلاء ٩/ ٥٤٣ - ٥٤٤.
(٦) في (ع): «رحمهما».
(٧) في (ع): «فأقر».
(٨) ساقطة من: (ع).
(٩) ينظر: بدائع الصنائع: ٥/ ٣١، العناية: ٩/ ٣٩٣.
(١٠) ساقطة من: (ع).
(١١) ساقطة من: (ع).
(١٢) ساقطة من: (ع).