للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم من محاسن القسمة أن أحد الشريكين إذا ثره (١) من مصاحبة شريكه الشكس (٢) الأخلاق وضيق الفطن (٣) وشديد المراس (٤)، ومعتاض (٥) اللدن (٦) مع أنه يهوى بقاء ملكه في نصيبه لم يكن له مخرج من هذا المضيق، ولا ملجأ من هذا الحريق إلا الركون إلى الاقتسام، وهو الركن الأوثق في الانتظام، ومنها أن كل واحد من الشريكين عسى أن لا ينتفع [بملكه] (٧) عند بقاء شركته انتفاع الكمال، وهو الظاهر في أغلب الأحوال والقسمة موصلة إلى مثل هذا الأحسن [من] (٨) الآمال.

ومنها: أن الشريك ربما ينتقض ربما ثمن (٩) صاحبه بما انقاد له فيما يصعب من أمر الشركة، ومكنه مما التسوي (١٠) أمره في التركة، والقسمة ذريعة إلى إزالة مثل هذا الذي التبس أمره وأشكل، ووسيلة إلى إماطة ما اشتغلت (١١) من هذا وانحصل، فيجب علينا التلقي بالقبول حامدين لله تعالى على ما أولانا من نعم الشرائع، أو (١٢) جعلها وسائل إلى بلوغ الأماني في الدارين والذرائع، فيحتاج هاهنا إلى معرفة أشياء معنى القسمة لغة وشرعًا، وسببها، وركنها، وشرطها، ودليل شرعيتها وحكمها.

[تعريف القسمة وسببها وركنها وشرطها ودليل مشروعيتها]

أما لغة، فالقسمة: اسم للاقتسام، كالقدوة للاقتداء، والأسوة للائتساء (١٣)، وهي مؤنثة كما ترى، وإنما قال الله تعالى: {فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ} (١٤) بعد قوله: {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ} (١٥)؛ لأنها في معنى الميراث والمال (١٦).


(١) كذا، وفي (ع): «برم».
(٢) الشكس: السيئ الخلق في المبايعة وغيرها، والشكس: المصدر. ينظر: العين: ٥/ ٢٨٨، لسان العرب: ٦/ ١١٢.
(٣) في (ع): «العطن».
(٤) شديد المراس: شديد الشكيمة، صعب القيادة، عنيد. ينظر: معجم اللغة العربية المعاصرة: ٢/ ١١٧٧، ٣/ ٢٠٨٧.
(٥) معتاض: تعوض، أخذ بدلاً منه أو مقابلاً له. ينظر: معجم اللغة العربية المعاصرة: ٢/ ١٥٧٦.
(٦) اللدن: اللين من كل شيء، والأنثى لَدْنَة، والجمع: لِدان ولُدْن. ينظر: المحكم والمحيط الأعظم: ٩/ ٣٣٣.
(٧) زيادة من: (ع).
(٨) ساقطة من: (ع).
(٩) في (ع): «بما هو من».
(١٠) في (ع): «التوى».
(١١) في (ع): «اشتغل».
(١٢) في (ع): «إذ».
(١٣) ينظر: أنيس الفقهاء: ص ١٠١، تبيين الحقائق: ٥/ ٢٦٤.
(١٤) سورة النساء، من الآية: ٨.
(١٥) سورة النساء، من الآية: ٨.
(١٦) ينظر: الصحاح: ٥/ ٢٠١١، لسان العرب: ١٢/ ٤٧٩.