للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقدْ أخّرَ [ركعتينِ أيْ؛] (١) ركعتيِ الطوافِ إِلَى مَا بعدَ طلوعِ الشمسِ، هذا الَّذِي ذكرنَا فِي حقِّ ركعتيِ الطوافِ؛ مذهبُنَا، وعندَ الشافعيِّ -رحمه الله-: يجوزُ فِي هذينِ الوقتينِ، مَا لَهُ سببٌ؛ كركعتيِ الفجرِ، وركعتيِ الطوافِ، وتحيةِ المسجدِ، واستدلَّ بقولِهِ -صلى الله عليه وسلم-: «إِذَا دخلَ أحدكمْ المسجدَ، فليحيِّهِ بركعتينِ» (٢) مطلقٌ.

وكَذَلِكَ يروِي فِي غيرِه منَ الأحاديثِ، قلنا: ذلكَ كَانَ قبلَ النهيِ؛ فَإِنَّ حديثَ النهيِ؛ ثبتَ بروايةِ كبارِ الصحابةِ -رضي الله عنهم- فِي آخرِ الدهرِ.

وذكرَ شيخُ الإسلامِ فِي " مَبْسُوطِهِ " أنَّ الصَّلاةَ فِي الابتداءِ؛ كانتْ مباحةً؛ وقتَ طلوعِ الشمسِ، ثم نهى منْ بعدِه.

[[كراهة التنفل بعد طلوع الفجر]]

ويكرهُ أنْ يتنفلَ بعدَ طلوعِ الفجرِ، بأكثرَ منْ ركعتيِ الفجرِ، قَالَ شيخُ الإسلامِ -رحمه الله-: (والنهيُ فِيهِ، عمَا سوَى ركعتيِ الفجرِ، لِحَقِّ ركعتيِ الفجرِ، لا لخللٍ فِي الوقتِ؛ فَإِنَّ الوقتَ متعينٌ؛ كركعتيِ (٣) الفجر؛ حَتَّى لوْ نوى تطوعًا؛ كَانَ عَنْ ركعتيِ الفجرِ، فقدْ مُنعَ عَنْ تطوعٍ آخرَ دونَهُ؛ ليبقَى جميعُ الوقتِ، كالمشغولِ بركعتيِ الفجرِ؛ مراعاةً لِحَقِّهِ، ولَكِنَّ الفرضَ الآخرَ فوقَ ركعتيِ الفجرِ، فجاز، أنْ يصرفَ الوقتَ إليهِ (٤) بخلافِ (٥) الأوقاتِ الثلاثةِ، فَإِنَّ النهيَ لخللٍ فيهَا) (٦) فحينئذٍ كَانَ مشروعُ الوقتِ؛ ناقصًا؛ فلا يتأدَّى بهِ الكاملُ.

وذكرَ المصنفُ -رحمه الله- فِي "التجنيسِ": (منْ أرادَ أنْ يصليَ تطوعًا فِي آخرِ الليلِ، فلمَا صلَّى ركعةً، طلعَ الفجرُ؛ كَانَ الإتمامُ أفضلَ؛ لأَنَّهُ وقعَ فِي صلاةِ التطوعِ، بعدَ الفجرِ لا عَلَى قصدٍ (٧)، فَكَانَ الإتمامُ أفضلَ) (٨)؛ لِمَا فِيهِ منْ تأخيرِ المغرب، فَإِنَّ المبادرةَ إِلَى أداءِ المغرب مستحبٌّ، فَكَانَ النهيُ؛ لئلا يكونَ شاغلاً عَنْ أداءِ المغرب، لا لمعنًى فِي الوقتِ، فَكَانَ كالنهيِ عَنْ التنفلِ فِي المسجدِ والقومُ فِي الجماعةِ، وكَذَلِكَ التنفلُ بعدَ خروجِ الإمامِ، يكرهُ؛ لئلا يتشاغلَ عَنْ سماعِ الخطبةِ، لا لمعنًى فِي الوقتِ؛ كَذَا فِي "الإيضاحِ" (٩).


(١) زيادة من (ب).
(٢) لا يعرف بهذا اللفظ، وقد أخرجه الشيخان وغيرهمَا عَنْ أبي قتادة السلمي: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وسلم قَالَ: «إِذَا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس». أخرجه البخاري في"صحيحه" (١/ ١٦٢)، كتاب الصلاة، باب إِذَا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس، حديث (٤٣٧)، وأخرجه مسلم في"صحيحه": (ص ٢٨٢)، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تحية المسجد بركعتين، حديث (٧١٤)
(٣) فِي (ب): (لركعتي).
(٤) (إليه): ساقطة من (ب).
(٥) فِي (ب): (لأَنَّهُ بخلاف).
(٦) ينظر: " الجوهرة النَّيرة شرح مختصر القدوري للزبيدي " (١/ ٧٠)، و" اللباب فِي شرح الكتاب للميداني" (١/ ٨٩ - ٩٠).
(٧) فِي (ب): (لا عَنْ قصد).
(٨) انظر: "التجنيس والمزيد، للمرغيناني" (١/ ٣٧٨).
(٩) ذكر نحوه الإمام السرخسي -رحمه الله-، انظر: " المَبْسُوطِ للسرخسي " (١/ ١٥٣).