للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فكذلك بالجعل وللزوج على امرأته ألف درهم لأنها قد التزمت الألف طائعة بأداء ما سلم إليها من البينونة ولا شيء على المكره للزوج لأنه أتلف عليه ملك النكاح، وقد بينا أنه لا قيمة لملك النكاح عند الخروج من ملك الزوج وأنه ليس بمال فلا يكون مضمونا بالمال أصلا بل عند الحاجة إلى الصيانة والمضمون له لمحل المملوك لا الملك الوارد عليه، ولهذا جاز إزالة ثبوت الملك بغير شهود ولا عوض هذا كله من المبسوط (١).

[[الإكراه على الزنا]]

(إلا أن يكرهه السلطان) أي حينئذ لا حد على المكره إذا زنا وهذا الذي ذكره قوله الآخر، وأما في قوله: الأول يجب الحد على المكره إذا زنا وإن كان المكره سلطانا وهو قول زفر (٢) ثم رجع وقال لا حد عليه إذا كان المكره سلطانا وهو قولهما.

وجه قوله الأول: أن الزنا من الرجل لا يتصور إلا بانتشار الآلة، ولا تنتشر آلته إلا بلذة، وذلك دليل الطواعية، فمع الخوف لا يحصل انتشار الآلة، وفرق على هذا القول بين الرجل والمرأة وقال المرأة في الزنا محل الفعل، ومع الخوف يتحقق التمكين منها.

ألا ترى أن فعل الزنا يتحقق، وهي نائمة، ومغمى عليها لا تشعر بذلك بخلاف جانب الرجل، وفرق على هذا القول بين الإكراه على الزنا، وبين الإكراه على القتل قال (٣): (٤) لا قود على المكره، وعليه الحد ففي كل واحد من الموضعين الحرمة لا تنكشف بالإكراه، ولكن القتل فعل يصلح أن يكون المكره آلة فيه للمكره فبسبب الإلجاء يصير الفعل منسوبا إلى المكره، ولهذا لزمه القصاص،


(١) انظر: المبسوط للسرخسي (٢٤/ ٨٥).
(٢) (قال -رحمه الله- أي السرخسي في المبسوط) كان أبو حنيفة -رحمه الله- يقول أولا لو أن سلطانا، أو غيره أكره رجلا حتى زنى، فعليه الحد، وهو قول زفر -رحمه الله-، ثم رجع، فقال لا حد عليه إذا كان المكره سلطان).
انظر: المبسوط للسرخسي (٢٤/ ٨٨).
(٣) في (أ) إن وفي (ب) ساقطة والصحيح كما في (ب).
(٤) أي السرخسي في المبسوط.