للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[الكفارة في حق المرأة]]

وقال الشَّافِعِي في قولِ (١): لا تجبُ عليها، وللشافعي في هذا ثلاثة أقوالٍ: قولٌ مِثْلُ قولنا، وهذان القولان؛ لأنها متعلقةٌ بالجِماع، والجماعُ يُضافُ إلى الرجلِ لا إلى المرأةِ يقُال: جامعَ، ولا يقُالُ: جامعتْ، ويُقالُ: جُومِعَتْ.

ولما كانَ الجِماعُ يُضافُ إلى الرجلِ دونها لم يشترِكا في سببِ وجوبِ الكفارةِ، فلا يشتركانِ في الوجوبِ بخلافِ حَدِّ الزِنّا؛ لأنَّ سببَهُ الزِنّا، وهو يُضاف إليها يُقالُ: زَنَتْ، والمعنى في المسألةِ، وهو أنَّ هذا حقُّ ماليٌّ يتعلق/ بالجماعِ، فيختصُ به الرجلُ دونَ المرأةِ قياسًا على المهرِ.

وأمّا وجُه قولهِ: بأنَّ الكفارةَ تجبُ عليها إِلاَّ أنّ الزوجَ يتحمل عنها بقول بأنها حقٌّ يتعلقُ بالجِماعِ ينقسمُ إلى ماليِّ، وبدني. فما كان مالياً يجبُ على الزوجِ، وما كان بَدنيًا يجبُ عليها كثمنِ ماءِ لِلاغتسالِ، الثمنُ عليه، والاغتسالُ فكذا هنا (٢).

قولُه -رحمه الله-: وفي قولِ يَتَحَمَّلُ عنها الزوجُ (٣)، أيْ: الزوجُ يتحَمَّلُ عنها التكفيَر بالمالِ إنْ كانَ مُوسِرًا، وإنْ كانَ مُعسِرًا فلا يتحمَّلُ عنها التكفيرَ بالصَّوْم، وعلماؤُنا قالوا: بأنها ساوتْهُ في السببِ فتُساويهِ في وُجوبِ الكَفارةِ قِياسًا على سائرِ الكفاراتِ وحدِّ الزِّنا، وإنْ قلنا: ذلكَ؛ لأنَّ سببَ وُجوبِ الكَفارةِ الفِطْرُ لا نفسَ الجِمَاعِ على ما يأتي، والفِطْرُ كما يُضافُ إليها. وأمّا تعلقُهُ بحديثِ الأعرابيِّ (٤) قُلنا: (٥) بيانُ النبيِّ -عليه الصلاة والسلام- الحُكْمَ في جانبِ الأعرابيِّ بيانٌ منه في جانبِ امرأتهِ دلاِلةٌ، كما جُعِلَ بيانًا في] حقِّ الأعرابي (٦) من الرجالِ دِلالةٌ.


(١) يُنْظَر: حاشية ابن عابدين (٢/ ٣٩٩).
(٢) يُنْظَر: الْعِنَايَة شرحُ الهِدَايَة (٢/ ٣٣٨).
(٣) هذا إن كانت مطاوعة نص عليه في بَدَائِعُ الصَّنَائع (٢/ ٩٨) وهو مذهب الشَّافِعِي ومالك وأصح الروايات عن أحمد. يُنْظَر: المدونة (١/ ٢٨٥)، الْمَجْمُوع (٦/ ٣٣٤)، الْمُغْنِي (٣/ ٦١).
(٤) أخرجه الْبُخَارِيُ في صحيحه (٣/ ٣٢)، باب إذا جامع في رمضان ولم يكن له شيء فتصدق عليه فليكفر، من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.
(٥) يُنْظَر: تَبْيِينُ الْحَقَائِق (١/ ٣٢٨)، بَدَائِعُ الصَّنَائع (٢/ ٩٨).
(٦) في (ب) (حق غير الاعرابي).