للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال أبو اليسر رحمه الله (١): واختلفوا أيضًا في المسبوق إذا قعد مع الإمام هل يقرأ التشهد والصلوات والدعوات قال: فهذه المسألة تدل على أنه يقرأ ذلك كله، وهو اختيارنا (٢).

قلت: ففي كل من حكم هاتين الدلالتين خلاف إما جواز الاقتداء بشافعي المذهب، فقد ذكر أبو اليسر أن اقتداء الحنفي بشافعي المذهب (٣) غير جائز من غير أن يطعن في دينهم (٤) لما روى مكحول النسفي رحمه الله في كتاب سماه «كتاب الشعاع»، عن أبي حنيفة: أن من رفع يديه عند الركوع، وعند رفع الرأس من الركوع تفسد صلاته، وجعل ذلك عملا كثيرًا، فصلاتهم فاسدة عندنا، فلا يصح الاقتداء لهذا (٥).

وذكر في «الفوائد الظهيرية» بعدما ذكر هذا: ففيه نظر؛ لأن فساد الصلاة عند رفع الرأس من الركوع برفع اليدين لا يمنع (٦) /

صحة الاقتداء في الابتداء لجواز صلاة الإمام إذ ذاك، وأما في دلالته على (٧) المتابعة في قراءة القنوت، فقد روي عن محمد رحمه الله يقنت الإمام ويسكت المقتدي، كذا ذكره الإمام التمرتاشي، وقال الإمام قاضي خان: ومن الناس من قال: يقنت الإمام جهرًا ولا يقنت المقتدي، ثم قال: والأصح ما قلنا، وهو: أن المقتدي يقنت كما يقنت مع الإمام (٨).

[[الوضوء في الماء الراكد]]

قوله: وَإِذَا عَلِمَ الْمُقْتَدِي مِنْهُ مَا يَزْعُمُ بِهِ فَسَادَ صَلَاتِهِ كَالْفَصْدِ وَغَيْرِهِ لَا يُجْزِئُهُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ،. يعني: أن الاقتداء به (٩) إنما يصح إذا كان الإمام يتجافى مواضع الاختلاف بأن يتوضأ في الخارج النجس من غير السبيلين، وأن يقف إلى القبلة مستويًا، ولا ينحرف انحرافًا فاحشًا، ولا يكون متعصبًا، ولا شاكًا في إيمانه، كذا ذكره الإمام قاضي خان (١٠).


(١) هو: محمد بن محمد بن الحسين بن عبد الكريم بن موسى بن مجاهد، أبو اليسر البزدوي، فقيه، أصولي ولي القضاء بسمرقند، تفقه عليه ركن الأئمة عبد الكريم بن محمد وأبو بكر محمد بن أحمد السمرقندي وولده القاضي أبو المعالي أحمد وغيرهم. قال السمعاني: أملى=
= ببخارى الكثير ودرس الفقه كان من فحول المناظرين، قال عمر بن محمد النسفي: وكان شيخ أصحابنا بما وراء النهر، وكان إمام الأئمة على الإطلاق والوفود إليه من الآفاق، ملأ الكون بتصانيفه في الأصول والفروع، من تصانيفه: "المبسوط" في فروع الفقه.
(سير أعلام النبلاء: ١٩/ ٤٩)، و (الجواهر المضية: ٢/ ٢٧٠)، و (الفوائد البهية: ص ١٨٨).
(٢) يُنْظَر: العناية شرح الهداية: ١/ ٤٣٦.
(٣) مكرر في (ب): (ذكر أبو اليسر أن اقتداء الحنفي بشافعي المذهب)
(٤) في (ب): دينه
(٥) يُنْظَر: العناية شرح الهداية: ١/ ٤٣٦.
(٦) يُنْظَر: العناية شرح الهداية: ١/ ٤٣٧.
(٧) في ب يبقى بدل من على
(٨) انظر: العناية شرح الهداية: ١/ ٤٣٧.
(٩) ساقط من ب (يعني: أن الاقتداء به)
(١٠) انظر: العناية شرح الهداية: ١/ ٤٣٧.