للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[حكم القسمة]

وأما حكمها: فتعين نصيب كل واحد منهم من نصيب صاحبه بحيث لا يبقى تعلق لكل واحد منهم نصيب صاحبه، ثم هي -أي القسمة- لا تعرى عن معنى المبادلة، أي: في جميع الصور سواء كانت في ذوات الأمثال، أو في غير ذوات الأمثال، لكن في ذوات الأمثال معنى الإقرار راجح، والمعنى من الإقرار هو أن يقبضه لعين حقه، ولكن مع ذلك فيه معنى المبايعة، وذلك لأن ما قبضه كل واحد منهما نصفه ملكه من الأصل حقيقة، ونصفه ملك صاحبه صار له من جهة صاحبه بالقسمة إلا أن ما أخذ كل واحد منهما من نصيب صاحبه في ذوات الأمثال مثل ما ترك عليه فتعين، فأخذ مثل الحق يتعين بمنزلة أخذ عين الحق [حكمًا] (١).

ألا ترى أن أخذ المثل في [العرض جعل كأخذ العين حكمًا، فجعل العوض لذلك بمنزلة العارية، ولم يجعل بمنزلة المبادلة بين] (٢) المقرض والمستقرض، فلذلك لم يحرم النساء فيه، فجعل استرداد العرض بمنزلة استيفاء عين حقه، ثم في كل موضع يمكن العمل بشبه الإفراز (٣) والمبادلة يعمل بهما، وفي كل موضع لا يمكن العمل بالشبهين بعمل يشبه الإفراز (٤)؛ لأن شبه الإقرار راجح إلى هذا. أشار في «المغني» (٥): «ولو اشترياه فاقتسماه، أي: لو اشترى الرجلان مكيلاً أو موزونًا بدراهم واقتسماها فيما بينهما؛ فلكل واحد منهما أن يبيع نصفه مرابحة بنصف الدراهم.

فإن قيل: أليس أن محمدًا ذكر في آخر كتاب (القسمة) (٦): إذا كان وصي الذمي مسلمًا وفي التركة جمعت (٧) وخنازير أنه يكره قسمتها، ولو كان المرجحان في هذه القسمة، أي: في قسمة الموزونات وهي الثمن (٨) يشبه الإقرار ينبغي أن يجوز من غير كراهة، فإن الذمي إذا وكل مسلمًا أن يقبض خمرًا له جاز للوكيل قبضها من غير كراهة.

قلنا: ذكر شمس الأئمة الحلواني إذا كان في التركة الخمور لا غير لا يكره للوصي المسلم قسمتها؛ لأن هذه القسمة إقرار محض ليس فيها شبهة المبادلة، والمسلم يملك قبض خمر الذمي، وإنما تكره القسمة إذا كان مع الخمر الخنازير؛ لأن القسمة حينئذ تكون مبادلة (٩).


(١) زيادة من: (ع).
(٢) ما بين المعكوفين ساقط من: (ع).
(٣) في (ع): «الإقرار».
(٤) في (ع): «الإقرار».
(٥) ينظر: المحيط البرهاني: ٧/ ٣٣٣.
(٦) ينظر: المصدر السابق: ٧/ ٣٣٣.
(٧) في (ع): «خمور».
(٨) في (ع): «الخمر».
(٩) ينظر: المحيط البرهاني: ٧/ ٣٣٣، البحر الرائق: ٨/ ١٦٨.