للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بخلاف الطّلاق البائن، والمعتدة إذا خرجت من بيت العدّة تسقط نفقتها، وهذا عندنا ما دامت على النشوز، فإذا عادت إلى بيت الزّوج كانت لها النفقة والسكنى، كما في حال قيام النكاح، كذا في الذّخيرة (١).

وذكر في «شرح الطّحاوي» (٢)، ثم الأصل بعد هذا أن كلّ امرأة كانت لها النفقة يوم طلقت، ثم صارت إلى حال لا نفقة لها، فلها أن تعود بأخذ النفقة، وكلّ امرأة لا نفقة لها يوم طلقت فليس لها نفقة أبدًا.

بيانه أن الرجل إذا طلّق امرأته وهي أمة طلاق بائنًا وقد كان المولى بوّءها بيتًا مع الزّوج، ثم أخرجها المولى لخدمته سقطت النفقة، ولو أراد المولى أن يعيدها إلى الزّوج، ويأخذ منه النفقة كان له ذلك، ولو لم يكن في تبوئة الزوج يوم طلّق الزوجة، فأراد المولى أن يبوّءها مع الزّوج في العدّة لتجب النفقة، فإنّ النفقة لا تجب.

وكذلك إذا ارتدت المرأة ووقعت الفرقة بالردّة فلا نفقة لها.

ثم إذا أسلمت فلا تعود النّفقة، وبمثله لو طلّقها وهي مسلمة فارتدّت في العدّة، ثم أسلمت فإنّ النفقة تعود إلا إذا لحقت بدار الحرب -على ما ذكرنا-، ولو قبّلت ابن زوجها في العدّة فإنّ النفقة لا تسقط وكذلك السُّكنى.

بخلاف ما لو ارتدت في العدّة.

ولو أن المرأة إذا كانت ناشزة وقت الطّلاق فإن لها أن تعود إلى دار الزوج، وتأخذ النفقة، وهذا يشكل على هذا الأصل الذي ذكرنا؛ لأنّ هذه المرأة لم يكن لها يوم طلقت، ثم تعود النفقة إلا أنّ العذر فيه أن يقال: أنّ النفقة كانت واجبة لها إلا أنّها منعت نفسها عن حق واجب، فلها أن تعود وتأخذ النفقة، ولو أنّ المرأة تطاولت بها العدّة فلها النفقة والسكنى إلى أن يدخل حدّ الإياس (٣) والله أعلم بالصّواب.

[فصل]

(وَنَفَقَةُ الْأَوْلَادِ الصِّغَارِ عَلَى الْأَبِ لَا يُشَارِكُهُ فِيهَا أَحَدٌ)، أي: لا يشارك الأب أحد في حق وجوب النفقة للأولاد الصغار، أي: لا تجب نفقة الأولاد الصغار على الأب وعلى الآخر معه، بل على الأب خاصة، وهذا بخلاف نفقة سائر ذوي الأرحام، فإن نفقتهم على ورّاثهم مشتركين بحسب ميراثهم -على ما يجيء-، وهذا الذي ذكره وهو عدم مشاركة أحد للأب في حق نفقة الأولاد الصغار وجواب ظاهر الرواية.


(١) المحيط البرهاني في الفقه النعماني (٣/ ٥٦١).
(٢) ينظر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (٤/ ١٨).
(٣) الإياس بمعنى انقطاع الحيض بسبب الكبر. ينظر: المغني لابن قدامة (١/ ٢٦٣)، حاشيتا قليوبي وعميرة على شرح المحلي على المنهاج (٤/ ٤٤).