للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد مرّ في المضاربة في قوله (١): (وإن كان مع المضارب ألف بالنصف فاشترى بها جارية قيمتها ألف، فجاءت بولد يساوي ألفًا) إلى أن قال (٢): (إذا صار مال المضاربة أعيانًا كل عين منها يساوي رأس المال لا يظهر الربح) لصلاحية كل واحد منهما لرأس المال، والله أعلم (٣).

* * *

فصل فيما يتغيّر بعمل الغاصب

لما ذَكر مقدمات الغصب من بيان معنى الغصب لغةً وشرعًا (٤)، ومن أحكام الضمان، وما يتحقق فيه الغصب، وما لا يتحقق، وذكر في هذا الفصل كيفية ثبوت المِلْك للغاصب عند أداء الضمان وما يتعلَّق بها.

[[لا يزول اسم الشاة بمجرد الذبح]]

وقوله (حتَّى زال اسمها) احتراز عمن غصب شاة غيره وذبحها حيث لم يَزُل ملك مالكها منها بمجرّد الذبح في ظاهر الرواية (٥)؛ لأنه لم يَزُل اسمها؛ لأنه يقال شاة مذبوحة وشاة حيَّة، وكذلك أيضًا فيه إدخال لحنطة غصبها وطحنها، حيث يزول ملك المغصوب منه بمجرّد الطحن؛ لوجود المخالفة بين الحِنطة والدقيق من حيث الاسم والهيئة والحكم والمقصود؛

[[لا يجب رد الدقيق فيمن غصب جنطة واستهلكها]]

أمّا الحكم فإنّه إذا غصب حنطة واستهلكها لا يجب عليه ردّ الدقيق بالإجماع (٦)، فعُلم به أنّه غيَّر الحنطة حكمًا أيضًا.

[[زوال اسم الشاة بعد الطبخ]]

وأمّا غير الحكم فظاهر؛ وكذلك في الشاة إذا ذبحها وشَوَاها أو طبخها كانت هي بمنزلة الحنطة إذا طحنها؛ لأن الشاة بعد الطبخ زال اسم الشاة عنها، وقوله: (وأعظم منافعها) أيضًا احتراز عما (٧) إذا غصبها وطحنها؛ لأنَّ المقاصد المتعلِّقة بعين الحنطة تزول بالطحن، وهي جعلها بذرًا (٨) وهريسة (٩) وكِشكًا (١٠) ونشاءً (١١) وغيرها،

[[ضمان قيمة الشاة على الغاصب إذا طبخها]]

(زال ملك المغصوب منه عنها) أي: تَجب القيمة في الشاة إذا طبخها على الغاصب، وفي الحنطة إذا طحنها المِثْل على الغاصب، ويزول ملك المغصوب منه على وجه لو أتى المالك أخذ القيمة وأراد أخذ اللحم مشويًّا لم يكن له ذلك؛ لأن الملك قد زال [كذا في الإيضاح] (١٢).


(١) انظر: بداية المبتدي (ص: ١٧٨).
(٢) انظر: الهداية (٣/ ٢٠٣).
(٣) سقطت في (أ).
(٤) في (أ): (وشريعة).
(٥) انظر: المبسوط للشيباني (١٢/ ١٤٧)، المبسوط للسرخسي (١١/ ٨٦)، بدائع الصنائع (٧/ ١٥٨).
(٦) وبه قال مالك. انظر: المبسوط للسرخسي (١١/ ٨٧)، بدائع الصنائع (٧/ ١٥٩)، المحيط البرهاني (٥/ ٤٧١)، المدونة (٤/ ١٨٥)، الذخيرة للقرافي (٩/ ١٠).
(٧) في (ع): (عن حنطها).
(٨) البَذْر: هُوَ مَا عُزِلَ مِنَ الْحُبُوبِ للزَّرْعِ والزِّراعَةِ. الصحاح مادة (ب ذ ر) (٢/ ٥٨٧) لسان العرب مادة (ب ذ ر) (٤/ ٥٠).
(٩) الهريسة: البُرَّ الذي هي مِنْهُ يُدَقُّ ثُمَّ يُطْبَخُ. لسان العرب مادة (هـ ر س) (٦/ ٢٤٧).
(١٠) الْكِشْكُ: مَدْقُوقُ الْحِنْطَةِ أَوْ الشَّعِيرِ، يُعْمَلُ من الحِنْطَةِ، واللَّبَنِ، ويُنَشَّفُ ويُرْفَع، يطبُخُونه من اللَّحْمِ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ. المغرب مادة (ك ش ك) (ص: ٤٠٩)، تاج العروس مادة (ك ش ك) (٢٧/ ٣١٤).
(١١) النَّشَا: شَيْءٌ يُعْمَلُ بِهِ الفالوذَجُ، فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ. لسان العرب (١٥/ ٣٢٥).
(١٢) سقطت في (أ). انظر: بدائع الصنائع (٧/ ١٥٨)، المحيط البرهاني (٥/ ٤٩٨).