للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم ذكر في «المبسوط»: لكنَّا نقول وجوب بدل جنين الآدمية لتحقيق معنى الصيانة عن الهدر، وجنين الأمة في ذلك كجنين الحرَّة، وهذه المسألة في الحقيقة إنَّما تنبني على اختلافهم في ضمان الجناية على المماليك فإنَّ عند أبي يوسف -رحمه الله- هو بمنزلة ضمان المال (١) يجب بالغًا ما بلغ، وعند أبي حنيفة ومحمَّد رحمهما الله هو بدل عن النَّفس فلهذا لا يزاد على مقدار الدية بحال (٢).

(فَنَظَرْنَا إِلَى حَالَتَي السَّبَبِ وَالتَّلَفِ (٣) يعني: أوجبنا القيمة دون الدية اعتبارًا لحالة الضرب وأوجبنا قيمته حيًّا لا مشكوكًا في حياته اعتباراً لحالة التَّلف.

ولا يقال أن هذا اعتبار لحالة الضَّرب فحسب؛ لأنَّ الواجب في تلك الحال قيمته حياً أيضا؛ لأنَّا نقول: جاز أن لا يكون حيًا، فلا تجب قيمته حيًا هناك بل تجب الغرة (٤).

(وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ -رحمه الله-: تَجِبُ قِيمَتُهُ مَا بَينَ كَونِهِ مَضْرُوباً إِلَى كَونِهِ غَيرَ مَضْرُوبٍ (٥) أي: تفاوت ما بينهما حتى لو كانت قيمته غير مضروب ألف درهم وقيمته مضروباً ثمانمائة يجب على الضَّارب مائتا درهم على ما ذكرنا قبل هذا من قول في مثل هذا في مسألة الرمي والجرح في باب اعتبار حالة القتل.

[[الإعتاق قاطع للسراية]]

(لأّنَّ الإِعْتَاقَ قَاطِعٌ للسِّرَايَةِ (٦) يعني: لو جرح عبدًا ثم أعتقه مولاه ثم مات من تلك الجراحة تنقطع السِّراية ولا تلزمه الدية ولا القيمة وإنَّما يضمن النقصان بالجراحة كما ذكرنا، وهذا لأنَّ الجرح إتلاف بعض المحل وأنَّه يوجب الضَّمان للمولى وبعد السِّراية لو وجب شيء لوجب للعبد فتصير النهاية للبداية وقد مَرَّ هذا من الكتاب في باب اعتبار حالة القتل (عَلَى مَا يَأْتِيكَ مِن بَعْد (٧) أي: في باب جناية المملوك والجناية عليه في مسألة (وَمَنْ قَطَعَ يَدَ عَبْدٍ فَأَعْتَقَهُ المَولَى ثُمَّ مَاتَ مِن ذَلِكَ (٨) (٩).


(١) المراد بضمان المال: ما يضمن من أموالهم كالعقلاء؛ كالإتلاف الموجب للمال، وضمان المال المسروق للمسروق منه ونحوهما. يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (٢٦/ ٨٦) تبيين الحقائق (٦/ ١٣٩).
(٢) يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (٢٦/ ٨٩).
(٣) الهداية شرح البداية (٤/ ١٩٠).
(٤) يُنْظَر: البناية شرح الهداية (١٣/ ٢٢٦)، حاشية ابن عابدين (٦/ ٥٩٠)، تكملة رد المحتار (١/ ١٦١).
(٥) الهداية شرح البداية (٤/ ١٩٠).
(٦) الهداية شرح البداية (٤/ ١٩٠).
(٧) الهداية شرح البداية (٤/ ١٩٠).
(٨) بداية المبتدي (٢٥٣).
(٩) يُنْظَر: العناية شرح الهداية (١٥/ ٣٢٣)، البناية شرح الهداية (١٣/ ٢٢٦).