للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والثاني: أن حق المولى في الحجّ يفوت في مدة طويلة فقُدم حق العبد على حق الله تعالى؛ لافتقار العبد، وغنى الله تعالى، فلم يستثن هذه القدرة على مولاه بخلاف الصلاة والصوم، فإنه لا يخرج مولاه باستثنائهما عن ملك مولاه، فكان العبد لذلك في حقهما يبقى (١) على أصل الحرية، وهذا لأن ذات العبد ملك المولى، فكان ما يحصل من منافع بدنه أيضًا ملك المولى، لما أن ملك الذات موجب لملك الصفات تبعًا، إلا ما استُثني عليه من القرب (٢) البدنية التي لا يخرج باستثنائه كثير خرجٍ وهي الصلاة والصوم، فبقي فيما وراءهما على أصل القياس (٣) لذلك.

(وكذا صحة الجوارح) (٤).

[من شروط الحج صحة الجوارح]

معطوف على قوله: (والعقلُ شرطُ)، أي: صحة الجوارح شرط أيضاً.

(لأن العجزَ (٥) دونها لازمٌ).

[وجوب الحج على الأعمى إذا توافرت الشروط]

أي: العجز يلزم، بدون صحة الجوارح، أي: بغيرها كما في الأعمى والمُقعد (٦)، فلذلك ذكرهما بعده.

(والأعمى إذا وجد من يكفيه مؤنة سفره، ووجد زادًا وراحلةً، لم يجب عليه الحجّ عند أبي حنيفة -رحمه الله-).


(١) في (ج) مُبقي.
(٢) القرب البدنية: أي الاستطاعة البدنية.
انظر: مختار الصحاح، مادة قرب (٤٥٧).
(٣) القياس في اللغة: يطلق على تقديرشيء بشيء آخر.
وعند الأصوليين: إلحاق مالم يرد فيه نص على حكمه بما ورد فيه نص على حكمه في الحكم، لاشتراكهما في علة ذلك الحكم.
انظر: جامع الأسرار (٤/ ٩٥٩)، الوجيز في أصول الفقه (ص/ ١٩٥).
(٤) الجوارح: من الفعل جرح، من باب قطع، والاسم الجرح بالضم، والجمع جروح، والجوارح هي السباع والطير ذوات الصيد، وجوارح الإنسان أي أعضاء هذا الإنسان التي يكتسب بها.
انظر: مختار الصحاح/ مادة جرح، (ص ٩٨)
(٥) العجز: من عجز ع ج ز: العَجُزُ بضم الجيم مؤخر الشيء يذكر ويؤنث وهو للرجل والمرأة جميعا وجمعه أعْجَازٌ و العَجِيزةُ للمرأة خاصة و العَجْزُ الضعف.
انظر: مختار الصحاح/ مادة عجز، (٤٣٩)، ويقصد بها هنا عدم الاستطاعة أو الإعاقة لعطل أو فقد عضو من الأعضاء.
(٦) المقعد: هو الذي أُلزم القُعود لإصابته بداء في جسده، فلا يستطيع الحركة وليس لديه القدرة على القيام و المقعد: من قعد ق ع د: قَعَد من باب دخل و مَقْعَداً أيضا بالفتح أي جلس.
انظر: المصباح المنير (٥١٠)، المسلك (٣٥).