للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وذكر في الإيضاح (١) في وجه الظّاهر أنّ حق المولى وإن كان ثابتًا ولكن حق المولى محجوب بحق المكاتب، ألا ترى أنّه ليس له أن ينتزع من يده أصلًا فينزل (٢) المولى من مال المكاتب فيما يثبت من التصرفات بمنزلة الأجنبي فلم يصح دعوته حتّى يتصل التصديق به؟

(وقيمة ولدها) أي وعلى المولى قيمة ولد جارية مكاتبه يوم ولد، يعني على تقدير تصديق المكاتب المولى في دعوة الولد، وإنّما وجبت قيمة الولد على المولى؛ لأنّ هذا يشبه ولد المغرور، فإن الملك في الأم ثابت من وجه دون وجه، فشابه المولى المغرور الذي له الملك ظاهرًا لا حقيقة، وولد المغرور حر بالقيمة، فكذا هنا. كذا في الإيضاح (٣).

حيث اعتمد أي المولى اعتمد دليلًا وهو أنّه كسب كسبه أي الولد حصل له من كسب كسبه، فإن المكاتب كسبه، والجارية كسب المكاتب فكان الولد حاصلًا للمولى من كسب كسبه، فيصلح أن يكون هذا دليلًا شرعيًا على أن يكون ولده حرًا، ولكن لما كان المولى في معنى المغرور وجب عليه قيمة الولد للمكاتب.

(فلو ملكه أي فلو ملك المولى يومًا) ولد جارية المكاتب الذي ادّعاه وكان (لم يثبت) نسبه عند الدّعوة بسبب تكذيب المكاتب فيثبت نسبه عند ملكه إيّاه.

وذكر في المبسوط: (٤) (وإذا ملك المولى الجارية أي في صورة التصديق يومًا الدهر صارت أمّ ولد له؛ لأنّه ملكها وله منها ولد ثابت النّسب، وإن كذبه المكاتب (ثم ملكه يومًا ثبت نسبه منه)؛ لأنّ حق الملك له في المحلّ كان مثبتًا للنسب منه عند صحّة دعوته، إلا أن بمعارضة (٥) المكاتب إياه بالتكذيب امتنع صحة دعوته، وقد زالت هذه المعارضة حين ملكه) لقيام الموجب وهو الإقرار بالاستيلاد.

والله أعلم بالصّواب.

كِتَابُ الأَيْمَانِ

لما قفَّى العبادات بالنكاح للمناسبة التي ذكرنا، ذكر بعده الأبواب التي تناسبه في الوصف الخاص، وهو أن الهزل والإكراه لا يؤثران فيها، والأيمان منها، إلا أنّه قدم الطّلاق لاقتضائه سبق النكاح للرّفع وأعقبه بالعتاق؛ لأنّه يشارك الطّلاق في عامّة الأوصاف من الإسقاط والسّراية واللّزوم، فتأخر ذكر الأيمان عنها لذلك.

ثم من محاسن شرعيّة الأيمان هي تصديق السّامع المتكلّم في إخباره؛ لأن السّامع كان متردّدًا قبل يمينه في قبول خبره؛ لكون الخبر في نفسه محتملًا للصّدق والكذب.


(١) انظر: المحيط البرهاني (٤/ ١٣٨).
(٢) " فينزل " هكذا في (ب)، وفي (أ) فنزل، والصواب ما في (ب).
(٣) انظر: العناية (٨/ ٣١٤).
(٤) انظر المبسوط للسرخسي (٧/ ١٧٦).
(٥) " بمعارضة " في (ب) بمعارضته، والصواب ما في (أ).