للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلت (١): قال صاحب «المحيط» (٢): إن مراعاة الترتيب واجبة، ومستحقة عليه، وبمجرد ظنه لا يسقط عنه ما هو مستحق عليه حتى أنه لو عاد الظهر وحدها، ثم صلى المغرب، وهو يظن أن العصر له جائز قال: قال يجزئه المغرب، ويعيد العصر فقط؛ لأن ظنه هاهنا استند إلى خلاف معتبر بأن الترتيب غير واجب، ثم قال: وحاصل الفرق أن فساد الصلاة بترك الطهارة فساد قوي مجمع عليه، فظهر أثره فيما يؤدي بعده، فأما فساد العصر بسبب ترك الترتيب فساد ضعيف مختلف فيه، فلا يتعدى حكمه إلى صلاة أخرى، وهو كمن جمع بين حر وعبد في البيع بثمن واحد يبطل العقد فيهما بخلاف ما إذا جمع بين قنِّ، ومدبر حيث صح العقد في حق القنِّ، والمعنى ما ذكرنا كذلك هاهنا.

[[الترتيب في أداء الفرائض]]

قوله (٣): وَمَنْ صَلَّى/ الْعَصْرَ وَهُوَ ذَاكِرٌ أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ الظُّهْرَ فَهِيَ فَاسِدَةٌ إلَّا إذَا كَانَ فِي آخِرِ الْوَقْتِ (٤).

وحاصل ذلك: ما ذكره شمس الأئمة السرخسي رحمه الله في «المبسوط» (٥)، وهو: أنه إن أمكنه أداء الظهر، والعصر قبل تغيّر الشمس، ويقع العصر كلها أو بعضها بعد تغيّر الشمس، فعليه مراعاة الترتيب، فعليه أداء العصر (٦)، وإن كان يمكنه أداء الظهر قبل تغير الشمس، ويقع العصر كلها أو بعضها بعد تغير الشمس، فعليه مراعاة الترتيب إلا على قول الحسن بن زياد، فإن عنده ما بعد تغير الشمس ليس بوقت للعصر. ويُحكى (٧) عن الفقيه أبي جعفر الهندواني أنه (٨) كان يقول في هذا الفصل على قول أبي حنيفة، وأبي يوسف (٩) يلزمه مراعاة الترتيب، وعند محمد لا يلزمه؛ لأن ما بعد تغير الشمس، وإن كان وقت العصر، ولكن تأخير العصر إليه مكروه، وعلى أصل محمد معنى الكراهة يسقط مراعاة الترتيب، كما أن معنى تفويت الوقت يسقط ذلك بيانه في مصلي الجمعة إذا تذكر الفجر، وكان بحيث لو اشتغل بالفجر تفوته الجمعة، ولا يفوته الوقت عند أبي حنيفة، وأبي يوسف يلزمه مراعاة الترتيب، وعند محمد (١٠) لا يلزمه لكن يتم الجمعة؛ لأن ترك الجمعة للصحيح المقيم في المصر مكروه، فنزل ذلك منزلة خوف فوات الوقت في سقوط مراعاة الترتيب فهذا مثله، ثم قال شمس الأئمة رحمه الله (١١): وأكثر مشايخنا على أنه يلزمه مراعاة الترتيب هاهنا عند علمائنا الثلاثة.


(١) - في ب قلنا بدل من قلت
(٢) انظر: المحيط البرهاني: ٢/ ٣٩.
(٣) - ساقط من ب (قوله)
(٤) انظر: العناية شرح الهداية: ١/ ٤٩٥.
(٥) انظر: المبسوط للسرخسي: ٢/ ١٦٣.
(٦) - في ب (وإن كان يمكنه أداء الصلاتين قبل غروب الشمس).
(٧) - في ب وحكى بدل من يحكي.
(٨) - ساقط من ب (أنه).
(٩) - في ب أبو يوسف أنه بدل من أبي يوسف.
(١٠) - في ب وعنده بدل من عند محمد.
(١١) انظر: المبسوط للسرخسي: ٢/ ١٦٣.