للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(لأنَّه عزل حكمي) "لأنّ موت الموكِّل موجِب عزل الوكيل حكمًا لتحوُّل ملكه إلى وارثه، فلا يتوقّف ثبوت حكمه على العلم به. ألا ترى أنّ الوكيل ينعزل بموت الموكِّل، وإن لم يعلم به بخلاف ما إذا عزله قصدًا" (١)؛ كذا في المبسوط.

(وإذا بطلت الوكالة بطلت الشّركة).

فإنْ قلتَ: فقد ذكر قُبيل هذا (لأنَّها) أي: لأنّ الشركة تتضمّن الوكالة فلمّا ثبت الوكالة في ضمن الشّركة كانت الوكالة تبعًا فيها، فلم يلزَم مِن بطلان التَّبَع بطلان الأصل، فكيف لزِم هنا بطلان الأصل، وهو الشّركة، ببطلان التَّبَع وهو الوكالة.

قلت: عنه جوابان:

أحدهما: أنّ لدوام عقد الشّركة حكمَ الابتداء لكونه غَير لازم على ما ذكر في الكتاب قُبيل الفصل الأول مِن "كتاب الشركة". ثم لو كان ابتداء عقد الشركة في شخصين لا يجوز التّوكيل بينهما، كالمجنونين، أو أحدهما، وكالصَّبِيَينِ اللّذَينِ لا يعقلان البيع والشراء أو أحدهما لا يجوز، فكذا بقاء لما قلنا. وهذا لأنّ صلاحية التّوكيل شرط صحّة الشركة ليفيد عقد الشّركة فائدته كصلاحية المعقود عليه عقد الشّركة قابلًا للوكالة شرط لصحة/ عقد الشّركة، فلذلك لم تصحّ (٢) الشّركة في الاحتطاب والاحتشاش لعدم صلاحيتهما للوكالة. فلمّا كانت الوكالة شرط صحّته لم تبقَ الشركة عند فوات الوكالةلأنّ المشروط يفوت بفوت الشّرط.

والثاني: أنّ (٣) الوكالة ثابتةٌ فيها ضِمنًا واقتضاءً فيبطل المقتضى عند بطلان المقتضي حتّى أنّ قوله: أعتِق عبدَك عني بألف درهم؛ لا يصحّ إذا كان الخطاب لغير مالك العَبد كما في العكس؛ لأنّ المقتضى شرط لصحّة المقتضي، فلمّا بطل المقتضى بطل المصحّح فبطل المقتضى لذلك ضرورة فكذلك هنا (٤)؛ والله أعلم.

فصلٌ

لما كانت أحكام هذا الفصل أبعد عن مسائل الشّركة مِن قِبَل أنّها ليست من مسائل التِّجارة أُخِّر ذكرُها عن ذكر أحكام سائر الفصول.

(أما إذا أدّيا معًا ضمِن كلُّ واحدٍ منهما نصيب صاحبه) أي: عند أبي حنيفة. وعندهما لا يضمَن (٥)؛ كذا في الزيادات للإمام العتابي (٦).


(١) المبسوط للسرخسي (١١/ ٢١٣).
(٢) في (ب) "يصح".
(٣) ساقط من (ب).
(٤) في (ب) "ههنا".
(٥) ينظر المبسوط للسرخسي (٢/ ٢٠٩).
(٦) الإمام العتابي هو: أحمد بن محمد بن عمر العتابي البخاري، أبو نصر أو أبو القاسم زين الدين، عالم بالفقه والتفسير، حنفي، من أهل بخارى ووفاته بها. من كتبه (جوامع الفقه) أربع مجلدات، منه أجزاء مخطوطة في استمبول و (التفسير) و (شرح الجامع الكبير) و (شرح الجامع الصغير) و (شرح الزيادات - خ) للشيباني، في فروع الحنفية. توفي سنة (٥٨٦ هـ). الجواهر المضية في طبقات الحنفية (١/ ١١٤)، الأعلام للزركلي (١/ ٢١٦).