للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم هذا الذي ذكره بأن قتل الأم لا يكون قتلاً للجنين حتى لم يجب فيه غرة الجنين على أصل أبي حنيفة -رحمه الله- ظاهر؛ لأنَّه لا يجعل ذكاة الأم ذكاة للجنين فكذلك لا يجعل قتل الأم قتلاً للجنين.

والشَّافعي يجعل ذكاة الأم ذكاة للجنين فلذلك يجعل قتل الأم قتلاً للجنين (١).

وقال أبو يوسف ومحمَّد -رحمهم الله-: القياس ما قاله أبو حنيفة -رحمه الله- لكنَّا تركنا ذلك في حكم الذكاة بالسُّنَّة.

ولأنَّ الذكاة تنبني على الوسع فبقي القياس معتبراً في حكم القتل فلا يكون قتل الأم قتلاً للجنين كذا في «المبسوط» و «الذّخيرة» (٢).

[[دية جنين الأمة إذا كان ذكرا]]

(وَفِي جَنِينِ الأَمَةِ إِذَا كَانَ ذَكَراً: نِصْفُ عُشْرِ قِيمَتِهِ (٣) فلابدَّ من زيادة قيد ههنا وهو أن يقال: وفي جنين الأمة التي لم تحمله من مولاها ولا من المغرور (إِذَا كَانَ ذَكَراً: نِصْفُ عُشْرِ قِيمَتِهِ (٤) إلى آخره، وأمَّا إذا حملته من مولاها أو من المغرور كان ذلك الحمل حراً فتجب الغرة ذكراً كان أو أنثى.

وقوله: (إِذَا كَانَ ذَكَراً: نِصْفُ عُشْرِ قِيمَتِهِ لَو كَانَ حَيًّا. وَعُشْرُ قِيمَتِهِ لَو كَانَ أُنْثَى (٥).

بيان هذا أنَّه يُقوَّم الجنين بعد انفصاله ميتًا على لونه وهيأته لو كان حيًّا فينظر كم قيمته بهذا المكان، فإذا ظهر قيمة الكل بعد هذا إن كان ذكراً يوجب نصف عشر قيمته، وإن كان أنثى يجب عشر قيمته.

ولو ضاع الجنين ولم يُمكِنَّا تقويمه باعتبار لونه وهيأته عن تقدير أنَّه حي ووقع التنازع في قيمته بين الضَّارب ومولى الأمة المضروبة كان القول قول الضَّارب لإمكان الزيادة كمن قتل عبداً خطأ لم يشاهده القاضي قبل قتله حتى عجز عن تقويمه باعتبار حاله وهيأته لو كان حياً ووقعت المنازعة بين صاحب العبيد والقاتل يجعل القول قول القاتل مع اليمين كذا هي.

فإن قيل: ربَّما لا يمكن الوجوب على ذكورة الجنين وأنوثته فماذا يجب قلنا: نأخذ بالمُتيقَّن كمن قتل عبداً خطأ والمقتول خنثى مشكل فإنَّه يجب المُتيقَّن كذا ههنا، كذا في «الذَّخيرة» (٦).


(١) يُنْظَر: الحاوي الكبير (١٥/ ١٤٩)، المجموع (٩/ ١١٩).
(٢) يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (٢٦/ ٨٩، ٩٠)، العناية شرح الهداية (١٥/ ٣٢٢)، نتائج الأفكار (١٠/ ٣٣١، ٣٣٢).
(٣) بداية المبتدي (٢٤٧)، وهو لفظ الامام القدوري. يُنْظَر: مختصر القدوري (٢٩٣).
(٤) بداية المبتدي (٢٤٧)، وهو لفظ الامام القدوري. يُنْظَر: مختصر القدوري (٢٩٣).
(٥) بداية المبتدي (٢٤٧)، وهو لفظ الامام القدوري. يُنْظَر: مختصر القدوري (٢٩٣).
(٦) يُنْظَر: العناية شرح الهداية (١٥/ ٣٢٢، ٣٢٣)، البناية شرح الهداية (١٣/ ٢٢٤).