للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[سهم الفرسان]]

(وإذا تعارَضت روايتاه) أي: روايتا ابن عمر -رضي الله عنهما-، وهي روايتهما عنه على وفق مذهبهما (١)، ورواية أبي حنيفة أيضًا على وفق مذهبه (٢).

(ترجَّح رواية غيره) وهو ابن عبَّاس -رضي الله عنهما-، بقوله "أنَّ النَّبي -عليه الصلاة والسلام- أعطى الفارس سَهْمين" (٣).

ومعنى قول (ترجَّح) أي: سَلِم رواية ابن عبَّاس (٤) عن المعارضة فيُعمَل (٥) بها؛ لأنَّللمترجِّح لا بدَّ من المرجِّح، وروايتا ابن عمر بعد التَّساقط بالتعارُض لا يصلح مرجِّحًا، والدَّليل على هذا ما ذكره في الأسرار بقوله: أو يحمل أخبار الفعل على التّعارض، فيبقى لنا قوله -عليه الصلاة والسلام-: "للرّاجل سهم وللفارس سَهمانِ" (٦) من غير معارض (٧).


(١) الرواية الأولى: لما روى ابن عمر -رضي الله عنه- "أن النَّبي -عليه الصلاة والسلام- أسهم للفارس ثلاثة أسهم وللراجل سهما". أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الجهاد، باب سهام الفرس، برقم (٢٨٦٣) ٦/ ٧٩، ومسلم برقم (١٧٦٢) ٣/ ١٣٨٣.
الرواية الثانية: روي عن ابن عمر -رضي الله عنهما-: "أن النَّبي -عليه الصلاة والسلام- قسم للفارس سهمين وللراجل سهما" أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه، كتاب الجهاد، باب في الفارس كم يقيم له؟ من قال: ثلاثة أسهم، برقم (١) ٧/ ٦٦١ والدارقطني في سننه، كتاب السير، برقم (٤١٣٤) ٤/ ٥٢، وينظر الهداية في شرح بداية المبتدي (٢/ ٣٨٨ - ٣٨٩).
قال أبو بكر النيسابوري: هذا عندي وهم من ابن أبي شيبة، لأنأحمد بن حنبل، وعبد الرحمن بن بشر، وغيرهما رووه عن ابن نمير خلاف هذا، وكذلك رواه ابن كرامة، وغيره عن أبي أسامة خلاف هذا - يعني أنه أسهم للفارس ثلاثة أسهم -. نصب الراية (٣/ ٤١٧ - ٤١٨).
(٢) ينظر المبسوط للسرخسي (١٠/ ١٩).
(٣) أخرجه أبو داود في سننه، كتاب الجهاد، باب فيمن أسهم له سهما، برقم (٢٧٣٦) ٣/ ١٧٤.
(٤) أخرجه أبو داود في سننه، كتاب الجهاد، باب في من أسهم لهم سهما، برقم (٢٧٣٦) ٤/ ٣٦٨.
عن مُجمّع بن جاريةَ الأنصاريِّ -وكان أحدَ القراء الذين قرؤوا القرآنَ- قال: شهدْنا الحُديبيةَ مع رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-، فلما انصرفْنا عنها إذا الناسُ يَهُزُونَ الأباعِرَ، فقالَ بعضُ الناسِ لبعضٍ: ما للناس؟ قالوا: أُوحِيَ إلى رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-، فخرجْنا مع الناس نُوجِفُ، فوجدْنا النَّبي -صلى الله عليه وسلم- واقفًا على راحِلتِه عند كُراع الغَمِيمِ، فلما اجتمعَ عليه الناسُ قرأ عليهم: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} [الفتح: ١] فقالَ رجل: يا رسولَ الله، أفَتْحٌ هو؟ قال: "نعم، والذي نَفْسُ محَمَدٍ بيَدهِ إنّهُ لَفَتْحٌ" فقُسمتْ خيبرُ على أهل الحديبيةِ، فقسَمها رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- على ثمانيةَ عشرَ سهمًا، وكان الجيشُ ألفًا وخمس مئةٍ، فيهم ثلاثُ مئةِ فارسٍ، فأعطى الفارسَ سهمَين، وأعطى الراجِلَ سهمًا.
قال الشيخ الأرنؤوط: إسناده ضعيف، سنن أبي داود ت الأرنؤوط (٤/ ٣٦٨).
(٥) في (ب) "نعمل".
(٦) سبق تخريجه.
(٧) ينظر البناية شرح الهداية (٧/ ١٥٩).