للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(والغدر حرام) قال النَّبي -عليه الصلاة والسلام-: "لكلّ غادر لواء يركز عند باب استه يوم القيامة يعرف به غدرته" (١).

(بخلاف الأسير) فإنَّ الأسرى إذا تمكَّنوا مِن قتل قوم من أَهل الحرب غِيلة (٢)، وأخذ أموالهم من ذلك، "فإنْ فعلوا ذلك، ثم خرجوا إلى دارنا ولا مَنَعة لهم، فكلُّ مَن أخذ شيئًا، فهو له خاصة" (٣)؛ كذا في السِّيَر الكبير في "باب ما يصيبه الأسرى".

(فيُباح له التعرُّض، وإنْ أطلقوه طوعًا) لما أنَّه لم يستأمِن صريحًا حتى يكون غادرًا بأخذ أموالهم.

(ملكه ملكًا محظورًا)

"وإن كانت جارية كرهت للمشتري أَن يطأها؛ لأنَّه قائم فيها مقام البائع، وكان يكره للبائع وطؤُها، فكذلك للمشتري. وهذا بخلاف المشتراة شراءً فاسدًا إذا باعها المشتري جاز للثاني وطؤها بعد الاستبراء؛ لأنَّ الكراهة في حقِّ الأوَّل لبقاء حقِّ البائع في الاسترداد، وقد زال ذلك بالبيع الثاني. وههنا الكراهة لمعنى الغَدر وكونه مأمورًا بردّها عليهم دينًا، وهذا المعنى

في حقِّ الثاني كهو في حقِّ الأول" (٤)؛ كذا في المبسوط قبيل "باب المرتدِّين".

قوله: (على ما/ بيَّنّاه) إشارة إلى قوله في أوائل "باب استيلاء الكفار": (والمحظور لغيره إذا صلُح سببًا (٥) لكرامة تفوق الملك … ) إلى آخره.

[[قضاء الدين والغصب بين الحربي والمسلم]]

(فأدانه حربي أو أدان حربيًا) الإدانة: البيع بالدين، [و] (٦) الاستدانة: الابتياع بالدَّين، وقولهم: ادَّان بتشديد الدال من باب الافتعال، أي: قَبِل الدَّين. والجواب في مسألة الإدانة قول أبي حنيفة ومحمدٍ؛ وعلى قول أبي يوسف القاضي يقضي على المسلم بالدَّين، وقولهما في المسألة مشكِل لالتزام المسلِم أحكامَ الإسلام مطلقًا، فصار (٧) كما لو خَرجا (٨) إلينا مسلمَينِ، غير أنَّ أباحنيفة اعتبر ديانةَ كلِّ واحد منهما عند القَضاء (٩)؛ هذا كلُّه من الفوائد الظهيرية.


(١) أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الجهاد والسير، باب تحريم الغدر، برقم (١٧٣٨) ٣/ ١٣٦١
عن أبي سعيد، عن النَّبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لكل غادر لواء عند استه يوم القيامة".
(٢) الغِيلةُ: أن يخدع الرّجلُ الرّجلَ، حتّى يخرجه إلى موضِع يخفى فيه أمرهما، ثم يقتله. الزاهر في معاني كلمات الناس (٢/ ١٥)، الصّحاح تاج اللغة وصحاح العربية (٥/ ١٧٨٧)، لسان العرب (١٠/ ٤٧٣).
(٣) شرح السير الكبير (ص: ١٢٧١).
(٤) المبسوط للسرخسي (١٠/ ٩٧).
(٥) ساقط من (ب).
(٦) ساقط من (ب).
(٧) في (ب) "وصار".
(٨) في (ب) "خرج".
(٩) ينظر بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (٧/ ١٣٢ - ١٣٣)، فتح القدير (٦/ ١٩).