للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أو اتزر.

قولهم: اتزر عامي، والصواب ائتزر افتعل من الإزار، وأصله ائتزر بهمزتين الأولى للوصل، والثانية فاء افتعل كذا في «المغرب» (١) ولو لبس المحرم اللباس كله من القميص، والسراويل، والقباء (٢)،

والخفين يومًا كاملًا (٣) لزمه دم واحد؛ لأن هذه الجنايات من جنس واحد، فصارت كجناية واحدة، وكذا لو دام أيامًا أو كان ينزعه من (٤) الليل ما لم يعزم على تركه كذا ذكره الإمام الولوالجي (٥)، والإمام التمرتاشي -رحمه الله-.

(لأنه ما لبس لبس القباء).

لأن العادة في لبس القباء الضم إلى نفسه بإدخال المنكبين، واليدين إذ هو مأخوذ من القبو، وهو الضم، وكمال الضم فيما قلنا، وقال زفر: ليس له ذلك، وعليه الجزاء؛ لأن القباء مخيط فإذا أدخل فيه منكبيه صار لابساً للمخيط، فإن القباء يلبس هكذا عادة، واحتج أصحابنا بأن هذا لبس الأردية، فلو لبس القميص لبس الأردية لم يلزمه شيء فكذلك هاهنا، وهذا لأنه يحتاج إلى تكلف لحفظه على منكبيه عند اشتغاله (٦) بعمل كما يحتاج إليه لابس الرداء، فأما إذا أدخل يديه في كميه فلا يحتاج إلى حفظه على نفسه عند الاشتغال بالعمل، فيكون لابسًا للمخيط، وكذلك إن زره عليه كان لابسًا؛ لأنه لا يحتاج إلى تكلف حفظه عليه بعدما زره كذا في «مبسوط شمس الأئمة» (٧)، والإسبيجابي -رحمهما الله-.

والتقدير في تغطية الرأس إنما أعاد هذا ليبني عليه الفروع.

[حلق الرأس]

(ما بيّناه). وهو قوله أو غطى رأسه يومًا كاملًا فالمروي عن أبي حنيفة -رحمه الله- أنه اعتبر الربع، قال ما يتعلق بالرأس من الجناية فالربع فيه حكم الكمال كالحلق، وهذا لأن تغطية بعض الرأس استمتاع مقصود يفعله الأتراك (٨)، وغيرهم عادة فإنهم يغطون بالقلانس (٩) الصغار، ويعيدون ذلك معًا كاملًا.


(١) انظر: المغرب في ترتيب المعرب (١/ ٢٥).
(٢) القَباء: ثوب طويل يُلبس فوق القميض أو الثياب ويصل إلى الرسغين من القدمين ويتمنطق عليه، ويعرف أيضًا بالقنباز، وجمعه: أقبية. انظر: الهادي إلى لغة العرب (٣/ ٤٧١)، المصباح المنير (ص/ ٤٨٩)، انظر: المعجم الوسيط (٢/ ٧١٣).
(٣) وعند الشافعية والحنابلة: أن الفدية باللبس لا تتقدر بطول زمن اللبس، أو قصره، أو بالانتفاع، فمتى لبسه عامداً مختاراً لزمته الفدية. انظر: المجموع (٧/ ٣٠٣)، الشرح الكبير (٨/ ٤٢٨).
(٤) في (ب): في.
(٥) انظر: الفتاوى الولوالجية (٢٧٤).
(٦) في (ب): استعماله.
(٧) انظر: العناية شرح الهداية (٣/ ٣٠).
(٨) الأتراك: جمع ترك اسم جنس أختلف في أصلهم فقيل: هم بنوقنطوراء أمة كانت لإبراهيم عليه السلام، وقيل: هم من أولاد يافث وقيل: هم بنو عم يأجوج ومأجوج لما بني ذو القرنين السد كان بعضهم غائبين فتركوا ولم يدخلوا فسمو تركا، وذكر أن لهم شعورا طويلة حتى تصير أطرافها في أرجلهم موضع النعال. أنظر: فتح الباري (٦/ ١٢٩ - ٧٥٤).
(٩) القَلَنْسُوةُ والقُلنسية: من ملابس الرؤوس. معروف قال ابن القطاع: قلنس الشيء: غطاه، ومنه القلنسوة.
انظر: لسان العرب (٦/ ١٨١، مادة: قلس)، القاموس المحيط (٢/ ٢٥١).