للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واختلف مشائخنا في حكم هذا العقد في الابتداء على قول أبي حنيفة - رحمه الله فمنهم من يقول: هو فاسد ثم ينقلب صحيحاً بالإسقاط قبل اليوم الرابع، وهو مذهب أهل العراق، والأوجه أنه موقوف، فإذا مضى جزء من اليوم الرابع فسد العقد الآن، وهو مذهب أهل خراسان، وإليه مال الإمام السرخسي (١) - رحمه الله - كذا في الذخيرة (٢) والفوائد الظهيرية (٣)، وبه قال الإمام قاضي خان - رحمه الله - ولأبي حنيفة - رحمه الله- أن شرط الخيار أربعة أيام ما كان مفسداً لعينه، بل لما فيه من تغير مقتضى العقد في اليوم الرابع، ويعتبر مقتضى العقد في اليوم الرابع لا يتحقق قبل دخول اليوم الرابع، وإنما فسد العقد في الحال بحكم الظاهر؛ لأن الظاهر دوامهما على الشرط، فحكمنا بفساد العقد في الحال بحكم الظاهر، فإذا أسقط الخيار قبل دخول اليوم الرابع تبين الأمر، بخلاف الظاهر فبين أنه لم يكن فاسداً، وكذلك في الأجل الفاسد.

[[البيع بالرقم]]

(كما إذا باعه بالرقم)، الرقم في الأصل الكتابة والختم "والتاجر يرقم الثياب، أي: يعلمها بأن ثمنها كذا" كذا في المغرب (٤)، والمراد من البيع بالرقم هنا هو أن يعلِّم البائع على الثوب بعلامة، مثل الكتابة يعلم بها الدلال أو غيره بأنه ثمن الثوب كذا درهماً، ولا يعلم المشتري ذلك القدر، فيقول صاحب الثوب أو الدلال: بعتك هذا الثوب برقمه، فقال المشتري: قبلت من غير أن يعلم مقداره، ينعقد البيع فاسداً، ثم لو علم المشتري قدر

ذلك الرقم في المجلس [وقبله ينقلب البيع جائزاً بالاتفاق (٥).

(وقيل: ينعقد فاسداً] (٦) أي: في الابتداء، وهذا على الوجه الأول،

وهو قوله: (وله أنه أسقط المفسد … إلى آخره) (٧)

يعنى أن القول بانعقاده فاسداً ثم ارتفاع الفساد بحذف الشرط المفسد، إنما يستقيم على التعليل الأول، فأما التعليل الثاني وهو قوله:


(١) ينظر: فتح القدير. (٦/ ٢٨١/ ٢٨٢).
(٢) المحيط البرهاني في الفقه النعماني (٦/ ٤٠٥).
(٣) ينظر: الدر المختار وحاشية ابن عابدين (٤/ ٥٦٩)، فتح القدير. (٦/ ٢٨٢).
(٤) المغرب في ترتيب المعرب (ا/ ١٩٦).
(٥) العناية شرح الهداية (٦/ ٣٠٣)، البناية شرح الهداية (٨/ ٥٢)، البحر الرائق (٥/ ٢٩٦)، الجامع الصغير وشرحه النافع الكبير (ص: ٣٤٨).
(٦) ما بين المعقوفتين سقط من (ب).
(٧) قال في الهداية: "فيعود جائزاً كما إذا باع بالرقم وأعلمه في المجلس" الهداية (٣/ ٩٥٠).