للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[بخلاف] (١) البيع يوضحه أنه لو استأجر دارين فانهدمت أحدهما بعد قبضهما لا يتخير في الأخرى، والمنافع بقبض الدار لم يدخل في ضمانه، فقد تفرقت الصفقة عليه قبل التمام؛ لأن تمام الصفقة بدخول المعقود عليه في ضمانه، ومع ذلك لا يثبت له حق الفسخ، فكذلك إذا كان الانهدام قبل القبض.

[[فسخ الإجارة بالأعذار]]

(وتفسخ الإجارة بالأعذار) (عندنا وقال الشافعي (٢) -رحمه الله-: لا تفسخ) أي بعذر وبغير عذر، وإنما تفسخ بعيب (٣)، كما في البيع (٤)، وعند شريح (٥) (٦) تفسخ بعذر، وبغير عذر، حتى روى أنه خاصم إليه بقال قد أجره رجل بيتا، [وألقى] (٧) إليه مفتاحه في وسط الشهر. قال شريح: هو بريء من البيت، فإن عنده الإجارة لا يتعلق بها اللزوم (٨)، ولكل واحد منهما أن يتفرد بفسخه؛ لأنه عقد على المعدوم كالعارية،


(١) في (ب) خلاف.
(٢) انظر: الأم للشافعي (٤/ ٣٢).
(٣) لأن المنافع عنده بمنزلة الأعيان حتى يجوز العقد عليها فأشبه البيع.
انظر: الحاوي الكبير (٧/ ٣٩٢ - ٣٩٣)، المجموع شرح المهذب (١٥/ ٩).
(٤) مذهب الشافعية: أن الإجارة لا تفسخ بالأعذار، سواء كانت إجارة عين أو ذمة، وسواء كان العذر للمؤجر أو للمستأجر، كما إذا استأجر دابة للسفر عليها فمرض، أو حماما فتعذر عليه الوقود، وكما لو مرض المؤجر وعجز عن الخروج مع الدابة، أو أكرى داره وأهله مسافرون، فعادوا واحتاج إلى الدار، فلا فسخ في شيء من ذلك، حيث لا خلل في المعقود عليه وإنما الفسخ فيما ينقص المنفعة من العيوب، أو ما يؤدي إلى فوات المنفعة بالكلية، أو ما يمنع من استيفاء المنفعة شرعا.
انظر: الوسيط (٤/ ١٩٦ - ١٩٧)، روضة الطالبين (٥/ ٢٣٩ - ٢٤٠)، نهاية المحتاج (٥/ ٣١٥ - ٣١٦).
(٥) أبو أمية شريح بن الحارث بن قيس بن الجهم بن معاوية بن عامر كان من كبار التابعين، واستقضاه عمر بن الخطاب رضي الله عنه على الكوفة، فأقام قاضيا خمسا وسبعين سنة وكان أعلم الناس بالقضاء، ذا فطنة وذكاء ومعرفة وعقل ورصانة وكانت وفاة القاضي شريح سنة سبع وثمانين وهو ابن مائة سنة.
انظر: وفيات الأعيان (٢/ ٤٦٣).
(٦) انظر: البناية شرح الهداية (١٠/ ٣٤٧).
(٧) في (ب) فألقي.
(٨) لزم: ألزم الشيء أثبته وأدامه.
انظر: لسان العرب (١٢/ ٥٤١)، المعجم الوسيط (٢/ ٨٢٣).