للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وجوب العُقر باعتبار النكاح]

ولو أقر العبد أنه وطئ جارية هذا الرجل بنكاح بغير إذن مولاها فافتضها لم يُصَدَّق؛ لأنه ليس من التجارة، فإن وجوب العُقْر هنا باعتبار النكاح لولاه لكان عليه الحد، (والنكاح ليس بتجارة؛ ولهذا لو أقر به أحد المتفاوِضَين لم يَلزم شريكه، فإن صدَّقه مولاه بُدِئ بدين الغرماء؛ لأن تصديق الموْلَى في حق الغرماء ليس بحجة؛ فوجوده كعدمه، فإن بقي شيء منه أخذه مولى الجارية من عقرها؛ لأنه لو كان هذا السبب (١) مُعاينًا كان لمولى الجارية أن يأخذ عُقْرها [من كسبه] (٢) في الحال فكذلك إذا ثبت بتصادقهما عليه). كذا في مأذون «المبسوط» (٣).

(فإن كان في مرضه) أي: فإن كان الإقرار في مرضه (يُقدَّم دين الصحة كما في الحر).

[[لا يصدق المأذون بإقرار ما ليس بتجارة]]

وقد ذكرنا (٤) الشُبهة الورادة على هذه المسألة [في مسألة] (٥) لو حابى المأذون في مرض موته يُعتبر من جميع المال قُبيل هذا، وذكرنا جوابها هناك أيضًا (٦)، (بخلاف الإقرار بما يجب من المال لا بسبب التجارة)، أي: لا يُصدَّق به، كما لو أقر أنه وَطئ جارية هذا الرجل بنكاح بغير إذن مولاها فافتضها لم يُصدَّق؛ لأنه ليس من التجارة (٧)، وعلى ما ذكرنا من «المبسوط» (٨)، والإقرار بضمان الجناية على إنسان، والإقرار بالمهر (٩) من قبيل الإقرار بضمان ما ليس بتجارة (١٠)؛ لأنه ذكر في «الإيضاح» (١١) من كتاب المأذون في باب الدين الذي يلحق المأذون: ولو أقر العبد بجناية على عبدٍ أو حرٍ أو (١٢) مهرٍ، وجب عليه بنكاح جائز أو فاسد أو شبهة، فإقراره باطل ولا يؤاخذ به حتى يُعْتَق؛ لأنَّ فك الحجر إنما يظهر في حق التجارة، وهذه الديون ما وجبت بسبب التجارة، فصار إقراره وإقرار المحجور سواء، فإن صَدَّقه الموْلَى جاز ذلك عليه ولم يجز على الغرماء؛ لأن الإقرار حُجة قاصرة، فلا يتعدَّى إلى الغرماء؛ فإن قامت بينة بأن


(١) في (أ) زيادة (بحجة). وما أثبت هو الصحيح. انظر: المبسوط للسرخسي (٢٥/ ٧٥).
(٢) سقطت في (أ).
(٣) للسرخسي (٢٥/ ٧٥).
(٤) راجع، ص ().
(٥) سقطت في (ع).
(٦) راجع، ص ().
(٧) وهذا على قول أبي حنيفة ومحمد- رحمهما الله-، وأما أبو يوسف-رحمه الله- فإن إقراره يصح. انظر: بدائع الصنائع (٧/ ١٩٦).
(٨) المبسوط للسرخسي (٢٥/ ٧٥).
(٩) المَهْر لغة: الصَداق. الصحاح مادة (م هـ ر) (٢/ ٨٢١)، وشرعًا: هُوَ الْمَالُ يَجِبُ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ عَلَى الزَّوْجِ فِي مُقَابَلَةِ مَنَافِعِ الْبُضْعِ، إمَّا بِالتَّسْمِيَةِ أَوْ بِالْعَقْدِ. العناية شرح الهداية (٣/ ٣١٦)، حاشية ابن عابدين (٣/ ١٠١).
(١٠) قال الزيلعي: (فَحَاصِلُهُ: أَنَّ مَا يَكُونُ مِنْ بَابِ التِّجَارَةِ مِنْ دُيُونِهِ يَصِحُّ إقْرَارُهُ بِهِ صَدَّقَهُ الْمَوْلَى أَوْ كَذَّبَهُ، وَمَا لَا يَكُونُ مِنْ بَابِ التِّجَارَةِ لَا يُصَدَّقُ فِيهِ إلَّا بِتَصْدِيقِهِ؛ لِأَنَّهُ فِيهِ كَالْمَحْجُورِ عَلَيْهِ) تبيين الحقائق (٥/ ٢٠٧).
(١١) انظر: بدائع الصنائع (٧/ ١٩٦)، العناية شرح الهداية (٩/ ٢٩٠).
(١٢) في (أ) (حداه) وما أثبت هو الصحيح. انظر: بدائع الصنائع (٧/ ١٩٦).