للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[لا تنجبر قيمة الولد بالأم إذا ماتت]]

(وتخريج الثانية) أي: وتخريج الرواية الثانية في أنّه لا ينجبر، وهي ظاهر الرواية (١) ما ذكره في الكتاب (٢) بقوله: (إن الولادة ليست بسبب لموت الأم غالبًا) ولما كان كذلك لم يتحد سبب النقصان والزيادة في شيء واحد فلذلك لم ينجبر (٣)، وكلامنا فيما إذا اتحد سبب الزيادة والنقصان، كما قلنا في زوال المبيع وحصول الثمن بسبب واحد، وهو البيع، فلم يُعد نقصانًا، وأمّا ههنا لمَّا (٤) لم يتحد (٥) كان الموت بسبب آخر غير الولادة، فلم ينجبر ما انتقص بالموت بما زاد بالولادة، وذكر في «المبسوط» (٦): (فإن ماتت الأم، وبالولد وفاء بقيمتها في هذه المسألة ثلاث روايات: رُوي عن أبي حنيفة- رحمه الله- أنه يُبَرَّأ بردِّ الولد؛ لأنّ وجوب الضمان على الغاصب لجبران حق المغصوب منه، وذلك حاصل بالوفاء في قيمة الولد، ورُوي عنه (٧) أنه يُجبر بالولد قَدْر نقصان الولادة، ويضمن ما زاد على ذلك من قيمة الأم؛ لأن الولادة

[[إذا ماتت الأم وفي الولد وفاء بقيمتها]]

لا توجب الموت، فالنقصان يكون بسبب الولادة، فأمّا موت الأم فلا يكون بسبب الولادة، وَرَدُّ القيمة كَرَدِّ العين، ولو ردّ عين الجارية كان النقصان مُنْجبرًا بالولد، فكذلك إذا ردّ قيمتها، وفي ظاهر الرواية (٨): عليه قيمتها يوم الغصب كاملة؛ لأنّه لمَّا ماتت تبيَّن أن الولادة كانت موتًا من أصله كالجرح إذا اتَّصل (٩) به زَهُوق الروح يكون قتلًا من أصله لا أن يكون جرحًا، ثم قَتْلًا (١٠) بناء عليه، ومن حيث إنَّ الولادة موت لا يكون موجبة للزيادة، وهذا بحكم اتحاد السبب، فإذا انْعدم هناك لم يكن الولد جابرًا للنقصان بالولادة، لأنَّا نجعل اتحاد السبب كاتحاد المَحِل، وهناك يُتصور بالاتفاق (١١) أن يكون الحادث خلفًا عن الفائت، إذا كان الفائت بعض الأصل كالسِّمَن، لا إذا كان الفائت جميع الأصل، وكذلك ههنا بسبب اتحاد السبب يَجعل الحادث خلفًا عن الفائت (١٢) إذا كان الفائت بعض الأصل، لا إذا كان الفائت كلَّه؛ لأن الحادث تبعٌ، والتبع يقتضي قيام المتبوع).


(١) انظر: المبسوط للشيباني (١٢/ ١٢١)، المبسوط للسرخسي (١١/ ٦٠)، بدائع الصنائع (٧/ ١٥٨).
(٢) الهداية (٤/ ٣٠٣).
(٣) في (أ): زيادة (وكل).
(٤) في (ع): (ما).
(٥) في (أ): زيادة (و).
(٦) للسرخسي (١١/ ٦٠ - ٦١).
(٧) سقطت في (أ) و (ع) وأثبتها من المبسوط. انظر: (١١/ ٦٠).
(٨) انظر: المبسوط للشيباني (١٢/ ١٢١)، بدائع الصنائع (٧/ ١٥٨).
(٩) في (أ): (تنقل) وما أثبت هو الصحيح. انظر: المبسوط للسرخسي (١١/ ٦٠).
(١٠) في (ع): زيادة (ثم).
(١١) انظر: تحفة الفقهاء (٣/ ٩٧)، المحيط البرهاني (٦/ ٤٢٩).
(١٢) في (أ): زيادة (إذا كان الفائت الأصل اتحاد السبب خلفًا عن الفايت).