للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وَقَصْدُ القُرْبَةِ لا يُنَافِي الغَرَامَةَ إِذَا أَخْطَأَ الطَّرِيقَ) هذا جواب عن قولهما: (لأَنَّ هَذِهِ مِن القُرَبِ) إلى آخره. وقال: (قَصْدُ القُرْبَةِ لا يُنَافِي الغَرَامَةَ (١).

ألا ترى أنَّه إذا وقف إنسان في الطَّريق لإماطة الأذى عن الطَّريق أو لدفع الظلم عن غيره فعطب به إنسان يضمن، وإن كان يستحق به الثَّواب هذا كله من «المبسوط» و «الذَّخيرة» (٢).

[[التفرد في الشهادة بالزنا]]

(كَمَا إِذَا تَفَرَّدَ بِالشَّهَادَةِ عَن الزِّنَا (٣) فإنَّ شهادته من حيث أنها شهادة في حقوق الله تعالى حسنة كانت قربة، ولكن من شرط الشهادة في الزِّنا أن يكون الشُّهود أربعة ممَّن يسمع شهادته فيما نقصت تلك الشَّهادة من تلك العدد انقلب (٤) الشَّهادة قذفاً (٥) فيجب حد القذف على الشَّاهد (٦).

[[من جلس في المسجد لغير صلاة]]

(وَإِنْ جَلَسَ فِيهِ) أي: في المسجد (وَإِنْ كَانَ فِي غَيرِ الصَّلَاةِ ضَمِنَ (٧) (عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ -رحمه الله- (٨).

أطلق الجلوس في غير الصَّلاة كما ترى، ولم يقيد أنَّ الجلوس كان للانتظار في الصَّلاة، أو للحديث، أو للنَّوم، والصحيح من الرواية: أن يكون الجلوس مقيدًا لا مطلقاً؛ لأنَّ أستاذ العلماء الإمام المحقق شمس الأئمة السرخسي -رحمه الله- ذكر في «الجامع الصَّغير»: والصَّحيح من الجواب على قول أبي حنيفة -رحمه الله-: إذا كان الجالس منتظراً للصَّلاة فإنَّه لا يكون ضامنًا لما يعطب به لقوله -عليه السلام-: «(المُنْتَظِرُ للصَّلاةِ فِي الصَّلاةِ (٩) مادام ينتظرها» (١٠).


(١) الهداية شرح البداية (٤/ ١٩٤).
(٢) يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (٢٧/ ٢٤)، بدائع الصنائع (٧/ ٢٧٩)، تبيين الحقائق (٦/ ١٤٦)، تكملة البحر الرائق (٨/ ٤٠٢).
(٣) الهداية شرح البداية (٤/ ١٩٤).
(٤) كذا في (أ)، والصواب (انقلبت) لموافقتها سياق الكلام.
(٥) القذف لغة: الرمي بالشيء؛ كالسهم والحصى والكلام. قذف بالحجارة: رمي بها، وقذف المحصنة، رماها بالفاحشة.
يُنْظَر: العين (٥/ ١٣٥)، تهذيب اللغة (٩/ ٧٥)، المحيط في اللغة (٥/ ٣٧٦)، لسان العرب (٩/ ٢٧٧).
وفي الاصطلاح: رمي مخصوص، وهو الرمي بالزنا صريحًا.
يُنْظَر: الاختيار تعليل المختار (٤/ ٩٨)، تبيين الحقائق (٣/ ١٩٩)، البحر الرائق (٥/ ٣١).
(٦) يُنْظَر: تبيين الحقائق (٦/ ١٤٦)، البناية شرح الهداية (١٣/ ٢٤٢).
(٧) بداية المبتدي (٢٤٩).
(٨) الهداية شرح البداية (٤/ ١٩٥).
(٩) الهداية شرح البداية (٤/ ١٩٥).
(١٠) رواه أحمد (٥/ ٤٥١)، برقم (٢٣٨٣٧)، بلفظ «منِ انتَظَرَ صلَاةً فهُوَ في صلَاةٍ حتى يصلي». ورواه أبو داود (١/ ٢٧٤)، في (كتاب الصلاة)، في (باب فضل يوم الجمعة وليلة الجمعة)، برقم (١٠٤٦)، بلفظ «من جلَسَ مَجْلسًا يَنْتَظرُ الصّلَاةَ فهُوَ في صلَاةٍ حتى يُصَلّيَ). ورواه الترمذي (٢/ ٣٦٢)، في (كتاب أبواب الصلاة)، في (باب ما جاء في الساعة التي ترجى في يوم الجمعة)، برقم (٤٩١)، بلفظ «من جلَسَ مجْلِسًا ينْتَظِرُ الصّلَاةَ فهُوَ في صلَاةٍ». قال أبو عِيسى: وهَذَا حدِيثٌ حسَنٌ صحِيحٌ.