للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما قولهم: إن الثواب هو الجنة، فكيف يُجعل لغيره؟ قلنا: عرفنا هذا الحكم شرعًا فكان قولهم هذا اعتراضًا على صاحب الشرع، وهو باطل أو يحتمل أنه يجعل ماله من الاستحقاق لغيره.

(بكبشينِ أملحينِ).

يقال: كبشٌ أملح فيه مِلحة (١)، وهي بياض تشقه شعيرات سود، وهي من لون الملح.

(في حالتي الاختيارِ والضرُورة).

أي: في حالة الصحة، والمرض.

(لحصولِ المقصودِ).

وهو إيصال النفع [إلى] (٢) الفقراء عند وجود المشقة، وهو تنقيص المال.

(لا يحصلُ به).

أي: بفعل النائب للمعنى الثاني، وهو المشقة بتنقيص المال، فإنه كما يلحق المرء المشقة عند فعله بنفسه [تلحقه المشقة أيضًا عند تنقيص ماله بالدفع إلى الغير، فقامت مشقة التنقيص مقام مشقة إتعاب نفسه عند فعله بنفسه]

(كان من حقه أن يقول للمعنى الأول) وهو حصول المقصود بفعل النائب لاعتبار جانب المال، ولكن ذكر للمعنى الثاني فوجهه ما قلنا.

قوله -رحمه الله-: (لأن الحجّ فرض العمر).

[شرط النيابة في الحج]

فإن قلتَ: لاشتراط العجز الدائم لا يستقيم التعليل بأنه فرض العمر، فإن الشيخ الفاني في الصوم يشترط العجز الدائم في جواز الفدية عن صومه مع أن الصوم ليس بفرض العمر.

قلتُ: لمّا فات الصوم عن وقته التحق بفرض العمر؛ لأن قضاءَه لازم عليه ما دام حيّاً فاستغرق العمر قضاءً، وإن لم يستغرق أداء، وروى المعلى عن أبي يوسف رحمه الله في الإحجاج: إن بَرَأَ المريض قبل فراغ المأمور يلزمه الإعادة، وإن بَرَأَ بعد الفراغ لا يلزمه الإعادة، ثُمَّ العجز (٣) إن كان بعذر لا يزول كالعمى والزمانة جاز أن يُحَجُّ عنه لقيام العذر الدائم، وإن كان عجزاً بعذر يُرجى زواله كالمرض، والحبس فإن استمر إلى الموت حُكم بوقوع الإحجاج موقع الفرض للعذر.

وإن صح فعليه حجة الإسلام؛ لأن شرط الإحجاج لم يوجد كما [في حق] (٤) الفدية عن الصوم، وإذا أحج الرجل الصحيح رَجِلًا، ثُمَّ عجز لم يجزه عن الحجّة لفقد العذر حالة الإحجاج، كذا في «الفوائد» (٥)، و «فتاوى الولوالجي» (٦).

وفي الحجّ النفل يجوز الإنابة فيكون للآمر ثواب النفقة فيه بالاتفاق أما على قول شيخ الإسلام فظاهر، وأما على قول شمس الأئمة -رحمه الله- فكذلك؛ لأن وقوع أصل الحجّ عن الآمر بما روينا من حديث الخثعمية، وأنه وارد في الفرض لا في النفل، كذا في «الفوائد» (٧).


(١) في (ب): ملحقة.
(٢) أثبته من (ب، ج).
(٣) ساقطة من (ج).
(٤) في (ب): حق في.
(٥) انظر: العناية شرح الهداية (٣/ ١٤٤). البحر الرائق شرح كنز الدقائق (٣/ ٦٥).
(٦) انظر: الفتاوى الولوالجية (ص ٢٨٤).
(٧) انظر: العناية شرح الهداية (٣/ ١٤٤). البحر الرائق شرح كنز الدقائق (٣/ ٦٥).