للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[في رد شهادة النائحة والمغنية]

«نهى عن الصوتين الأحمقين (١)» (٢)، وصف الصوت بصفة صاحبه؛ أي: صوت النائحة، وصوت المغنية.

ومثله قوله - صلى الله عليه وسلم -: «أفضل الأعمال الحال المرتحل» (٣).

اعلم أنَّ التغني لِلَّهو معصية في جميع الأديان.

فقال في الزيادات (٤) إذا أوصى بما هو معصية عندنا وعند [أهلٍ] (٥) الكتاب، وذكر منها الوصية للمغنيين والمغنيات، خصوصاً إذا كان الغناء من المرأة، فإنَّ نفس رفع الصوت منها حرامٌ، خصوصاً إذا كان مع الغناء، وعن هذا لم يقيد ههنا بقوله للناس، وقيِّد به فيما ذكر بعد هذا في غناء الرجل (٦).

وذكر في الذَّخيرة: ولم يرد بالنَّائحة التي تنوح في مصيبتها، وإنَّما أراد به التي تنوح في مصيبة غيرها، واتخذت ذلك مكسبةً؛ وهذا لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «لعن الله النائحات» (٧)؛ ولأنَّها ارتكبت ما لا يحل في الشَّرع، وهو الغناء، والنوح لطمعة في المال، فلا يؤمن أن ترتكب شهادة الزُّور لأجل المال، فذلك أيسر عليه من الغناء والنوح في مدة طويلة (٨).


(١) أخرجه: الترمذي في سننه (٣/ ٣٢٨)، كتاب الجنائز، باب الرخصة في البكاء على الميت، رقم (١٠٠٥)، وقال: «حديث حسن»، والحاكم في المستدرك (٤/ ٤٣)، رقم (٦٨٢٥)، وحذفه الذَّهبي من التَّلخيص، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (٥/ ١٨٩)، رقم (٢١٥٧).
(٢) تمامها: « … النائحة، والمغنية». الهداية (٣/ ١٢٢).
(٣) أخرجه: الترمذي في سننه (٥/ ١٩٧)، كتاب القراءات، رقم (٢٩٤٨)، وقال: «هذا حديث غريب لا نعرفه من حديث ابن عباس إلا من هذا الوجه، وإسناده ليس بالقوي»، والحاكم في المستدرك (١/ ٧٥٧)، رقم (٢٠٨٨)، وضعفه الألباني السلسلة الضعيفة (٤/ ٣١٥)، رقم (١٨٣٤).
(٤) كتاب الزيادات في الفروع لمحمد بن الحسن الشيباني المتوفى سنة ١٨٩ هـ، سماه: (الزيادات)، أي: زيادة على ما أملاه: أبو يوسف، وقيل: إنما سمي به؛ لأنه لما فرغ من تصنيف: «الجامع الكبير»، تذكر فروعاً، لم يذكرها في «الكبير»، فصنفه، ثم تذكر فروعاً أخرى، فصنف أخرى، وسماها: «زيادات الزيادات»، شرحه جماعة منهم: قاضي خان، وسراج الدين الهندي، والبزدوي، وشمس الأئمة الحلواني، وغيرهم واختصره الحاكم الشهيد. ينظر: كشف الظنون (٢/ ٩٦٢).
(٥) مكرر في «س».
(٦) ينظر: العناية شرح الهداية (٧/ ٤٠٨)، البحر الرائق (٧/ ٨٨).
(٧) لم أقف على حديث بهذا اللفظ، والذي وقفت عليه، ما روي عن أبى سعيد الخدري، قال: لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- النائحة والمستمعة.
أخرجه: أحمد في المسند (٣/ ٦٥)، رقم (١١٦٤٠) أبو داود (٣/ ١٦٢)، كتاب الجنائز، باب في النوح، رقم (٣١٣٠)، وضعف إسناده النووي في خلاصة الأحكام (٢/ ١٠٥٣)، وقال الحافظ ابن حجر في التَّلخيص الحبير (٢/ ٣١٩)، طرقه كلها ضعيفة، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (١/ ١٠١٧)، رقم (١٠١٦١).
(٨) المحيط البرهاني (٨/ ٣١٥ - ٣١٦).