للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[صلاةُ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ في وقت النهي]

قولُهٌ -رحمه الله-: (وَفِي حَقِّ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ) إِلَى أنْ قَالَ: (لِأَنَّ الْوُجُوبَ (١) لِغَيْرِهِ وَهُوَ خَتْمُ الطَّوَافِ) (٢).

فَإِنَّ قلتَ: ركعتَا الطوافِ، واجبٌ عندنا (٣)، عَلَى مَا يجيءُ فِي كتابِ الحجِّ، إنْ شاءَ اللهُ تعالَى، فوجوبُهُ منْ جهةِ الشرعِ بعدَ الطوافِ؛ كوجوبِ سجدةِ التلاوةِ بعدَ التلاوةِ، فينبغِي أنْ يؤتَى يهما، كَسجْدةِ التِّلاوةِ فِي هذينِ الوقتينِ، وعذرُهُ بأنَّ الوُجوبَ لختمِ الطوافِ، ينتقضُ بسجدةِ التلاوةِ؛ فَإِنَّ وجوبَهَا للتلاوةِ، وهيَ فعلُهُ أيضًا، بلْ أَوْلَى؛ لِمَا أنَّ التلاوةَ؛ ليستْ منْ جنسِ الواجباتِ، والطوافُ منْ جنسِ الواجباتِ، بلْ منْ جنسِ الفرائضِ.

قلتُ: نعمْ كَذَلِكَ؛ إلا أنَّا عَرَّفنَا كَراهةَ ركعتيِ الطوافِ، فِي هذينِ الوقتينِ بالأثر؛ وهُوَ مَا ذُكرَ فِي " المَبْسُوطِ ": رُوِيَ أنَّ عمرَ -رضي الله عنه- طافَ بالبيتِ أسبوعًا (٤)، بعدَ صلاةِ الفجرِ ثم خرجَ منْ مكةَ؛ حَتَّى إِذَا كَانَ بذي طوى (٥)، فَطلعتِ الشَّمْسُ؛ صلَّى ركعتينِ؛ فقَالَ: (ركعتانِ مكَانَ ركعتينِ) (٦).


(١) فِي (ب): (الواجب).
(٢) يقول صاحب الهداية: (وفِي حق ركعتي الطواف وفِي الَّذِي شرع فِيهِ ثم أفسده لِأَنَّ الوجوب لغيره وهُوَ ختم الطواف وصيانة المؤدي عَنْ البطلان). ينظر: "الهداية في شرح بداية المبتدي للمرغيناني" (١/ ٤٢).
(٣) قَالَ النووي -رحمه الله-: ركعتا الطواف سُنَّة عَلَى الأصح عندنا، وبه قَالَ مالك واحمد وداود وقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ واجبتان.
انظر: "المجموع شرح المهذب؛ للنووي " (٨/ ٦٢) وانظر فِي المذهب الحنفِي، " بدائع الصنائع للكاساني " (٢/ ١٤٨).
(٤) أسبوعاً: أَيْ سَبْعَ مَرَّاتٍ؛ قَالَ اللَّيْثُ: الأُسْبوعُ مِنَ الطَّوَافِ وَنَحْوِهِ سَبْعَةُ أَطواف، وَيُجْمَعُ عَلَى أُسْبوعاتٍ. انظر: " لسان العرب لابن منظور" (٨/ ١٤٦).
(٥) ذي طُوى: بِضَمِّ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ، وَوَاوٍ، مَقْصُورٌ: ذكر فِي مواضع فِي السيرة، منها: مبيته -صلى الله عليه وسلم- ليلة الفتح بذي طوى. وهُوَ واد من أودية مكة، كله معمور الْيَوْمَ، لا زالت معروفة بجرول، يسيل فِي سفوح جبل أَذَاخِرَ وَالْحَجُونِ من الغرب، وتفضي إلَيْهِ كُلٌّ مِنْ ثَنِيَّةِ الْحَجُونِ - كَدَاءَ قَدِيمَا - وَثَنِيَّةِ رِيعٍ الرَّسَّامِ - كُدًى - قديما. ويذهب حَتَّى يصب فِي الْمَسْفَلَةِ عِنْدَ قَوْزِ الْمَكَّاسَةِ - الرَّمَضَةُ قَدِيمَا - من الجهة المقابلة. انظر معجم المعالم الجغرافية في السيرة النبوية؛ للحربي (ص: ١٨٨)، " المعالم الأثيرة فِي السنة والسيرة، لمحمد شرَّاب" (ص: ١٧٦).
(٦) أخرجه ابن أبي شيبة في"مصنفه" (٨/ ١٦١)، كتاب الحج، باب من كَانَ يكره إِذَا طاف بالبيت بعد العصر، وبعد الفجر، أن يصلي حَتَّى تغيب أو تطلع، حديث (١٣٤٢٦).