للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإقامة البينة على إقرار الْمُدَّعَى عليه بالحنطة والشعير ولم يذكروا الصفة في الإقرار قبلت البينة في حق الجبر على [البيان] (١) لا في حق الجبر على الأداء.

وإن ادَّعى الدقيق بالقفيز لا يصح؛ لانكباسه [بالكبس] (٢) ومتى ذكر الوزن صحت الدَّعْوَى ولابدَّ أن يذكر خشك آرد أو شسته (٣) ويذكر مع ذلك ويخته أو ناويخته (٤) ويذكر مع [ذلك] (٥) أنَّه جيدٌ أو وسطٌ أو رديءٌ هذا كله من الذَّخِيرَةِ (٦) وفصول الإمام الاسْتَرُوشَنِيّ. (٧) -رحمه الله-.

[ما يفعله القاضي بعد صحَّة الدعوى]

(فإن اعترف: قضى عليه بها) (٨) ولفظ القضاء هنا [مجاز] (٩) للزوم؛ لأنَّه لما أقرّ الخصمُ فلا حاجة إلى قضاء القاضي؛ (لأنَّ الإقرار بنفسه موجب) (١٠) وفي الْإِيضَاحِ فإذا أقر به ألزمه إقراره وحكم به عليه ثُمَّ قال: وإطلاق لفظ الحكم بناء على الإقرار توسيع في الكلام؛ لأنَّ الإقرار حجة بنفسه (١١)؛ لأنَّ الحجة ما يلزم الإنسان موجبها وللإنسان ولاية كاملة على نفسه فكان إقراره حجة لا يتوقف على قضاء القاضي فكان الحكم من القاضي إلزاماً للخروج عن موجب ما أقر به وأنّه على خلاف الحكم بالبينة.

فإنَّ الشهادة خبر يحتمل الصدق والكذب فإذا قضى القاضي بالبينة فقد جعلها حجة وصار جانب احتمال الكذب ساقط العبرة في حق العمل به فصارت البينة بمنزلة الحجج الشرعية/ التي يجب العمل بها كالقياس، وأخبار الآحاد وإنَّما يصير حجة على هذا المثال بعد اتصال القضاء بها فتبيّن أن عمل قضاء القاضي في حق البينة أن يُصَيِّرها حجة والإقرار حجة بنفسه فيلزمه الخروج عن موجب إقراره (فيأمره بالخروج عنه) (١٢) أي: عن موجب الإقرار والدليل على هذا صريح ما ذكره في الْإِيضَاحِ (١٣) على ما قلنا الخطاب في قوله -عليه السلام-: «أَلَكَ بَيِّنَةٌ» للمدعي من الحضرمي والكندي في حديثهما (١٤): «أَلَكَ بَيِّنَةٌ»؟ فقال: لا. فقال: «لَكَ يَمِينُهُ» فقال: يَحْلِفُ ولا يُبَالِي، فقال: «لَيْسَ لَكَ إِلَّا هَذا شَاهِدَاكَ أو يَمِينُهُ» (١٥)، فذاك تنصيص على أنَّ اليمين حق الْمُدَّعِي ثُمَّ إنَّما جعل يمين المنكر حق المُدَّعِي والله أعلم.


(١) في (أ) (النبات).
(٢) [ساقط] من (أ).
(٣) كلمة فارسية معناها: دقيق ناشف أو مبلل.
(٤) كلمة فارسية معناها: حالاً أو يتأخر. يُنْظَر: ثقافة الاصطلاحات اليومية؛ للدكتور محمد غفراني، والدكتور مرتضى آيت الله زاده شيرازي تحت الإشراف: إبراهيم إقبال، وكتاب المعجم؛ لمصطفى رحيمي نيا.
(٥) [ساقط] من (أ).
(٦) يُنْظَر: المحيط البرهاني (٩/ ٧٣٩).
(٧) يُنْظَر: الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّة (٤/ ٤).
(٨) يُنْظَر: بداية المبتدي (١/ ١٦٤).
(٩) في (أ) و (ب) (مجار).
(١٠) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٣/ ١٥٦).
(١١) يُنْظَر: الأشباه والنظائر لابن نجيم (ص: ٢٥٥).
(١٢) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٣/ ١٥٦).
(١٣) يُنْظَر: بدائع الصنائع؛ للكاساني (٦/ ٥٠).
(١٤) يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (١٧/ ٥٤)، المحيط البرهاني (٨/ ٦٨٣).
(١٥) أخرجه مسلم، كتاب الإيمان، باب وعيد من اقتطع حق مسلم بيمين فاجرة بالنار، برقم (١٣٩) (١/ ١٢٣).