للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قلنا: عند جهالة التّاريخ بالتقدّم والتأخر يجعل في الحكم كأنّه وجد جملة ولأن ردتهم كان يمنع الزّكاة على اعتقاد أنّها ليست بواجبة والمنع كان قائمًا بالمنعة جمله فصار بمنزلة فعل واحد فلا يوصف بالتقدّم والتأخّر.

وفي الْمَبْسُوطِ (١) والمعنى فيه أنّه لم يختلف بهما دين ولا دار فيبقى ما كان بينهما على ما كان كما إذا أسلم الكافران معًا والفقه فيه أن وقوع الفرقة عند رده أحدهما لظهور خبثه عند المقابلة بطيب المسلم فإذا ارتدّا معًا لا يظهر هذا الخبث بالمقابلة لأنه يقابل الخبيث بالخبيث واعتبار البقاء بالإبتداء فاسد فإن عدّة الغير تمنع ابتداء النكاح ولا يمنع البقاء فإن أسلم أحدهما وقعت الفرقة بينهما بإصرار الآخر على الردّة لظهور خبثه الآن عند المقابلة بطيب الآخر حتّى أن كانت المرأة هي التي أسلمت قبل الدّخول فلها نصف الصّداق وإن كان الزّوج هو الذي أسلم فلا شيء لها لأنّ الفرقة من جانب من أصرّ على الردّة فإن إصراره بعد إسلام الآخر كإنشاء الردّة والله أعلم بالصّواب.

[باب القسم]

لما ذكر جواز نكاح عدد من النّساء لم يكن بدّ من بيان العدل الوارد من الشّارع في حقهن وهذا بابه ولكن اعتراض ما هو أهم منه من بيان جواز النكاح وعدمه الراجعين إلى أمر الفروج وغيرهما أوجب تأخيره والقسم بالفتح مصدر قسم القسّام المال بين الشركاء فرّقه بينهم وعيّن أنصبابهم ومنه القسم بين النساء.

وأمّا القسم بالكسر النّصيب مثل طحنت طحنًا والطّحن الدّقيق.

والقسمة اسم للمقاسمة والتقاسم كذا في الصّحاح (٢)، والمغرب (٣) وإذا كان للرّجل امرأتان حرتان فعليه أن يعدل بينهما اعلم بأنّ الزّوج مأمور بالعدل في القسمة بين النساء وذلك ثابت بالكتاب والسنّة.

أمّا الكتاب فقوله تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا} (٤) معناه أن لا يجوزوا وقوله تعالى: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ} (٥) معناه ولن تستطيعوا العدل والتسوية في المحبة فلا تميلوا في القسم.

وأمّا السنّة فهي المذكورة في الكتاب كذا في الْمَبْسُوطِ (٦) والإيضاح.


(١) يُنْظَر: الْمَبْسُوطِ (٥/ ٥٠).
(٢) يُنْظَر: الصحاح (٥/ ٢٠١١).
(٣) يُنْظَر: المغرب (١/ ٣٨٣).
(٤) سورة النساء من الآية: ٣.
(٥) سورة النساء من الآية: ١٢٩.
(٦) يُنْظَر: الْمَبْسُوطِ (٥/ ٢١٧).