للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[قضاء الفوائت فِي وقت النهي]

قولُه -رحمه الله-: (ولا بأسَ بأنْ يصلِّيَ فِي هذينِ الوقتينِ الفوائتَ (١).

فَإِنَّ قلتَ: كمْ منْ كراهةٍ تثبتُ فِي حقِّ الفرائضِ؛ دونَ النوافلِ، كتكرارِ السورةِ فِي ركعةٍ واحدةٍ، والاعتمادِ عَلَى حائطٍ، أو اسطوانةٍ (٢) منْ غيرِ عُذْرٍ، والتربعُ (٣) إمَّا (٤) عَلَى وجهِ التكبُّر، وهُوَ عَلَى وفاقِ القياسِ أيضًا؛ لِأَنَّ مَا لَهُ خطرٌ فِي أمرِه (٥) وعظمةٌ (٦) فِي شأَنَّهُ يصانُ عَنْ وصمةِ النقصانِ، وفِي الكراهةِ ذلكَ، وها هنا انقلبَ الأمرُ فمَا وجهُهُ؟

قلتُ: وجهُهُ؛ مَا ذكرَ فِي الكتابِ بقولِهِ -رحمه الله-: (لِأَنَّ الكراهةَ كانتْ لحقِّ الفرضِ) إِلَى آخرِهِ. وتفسيرُهُ (٧) هوَ (٨) أنَّ الفوائتَ فِي الأوقاتِ الثلاثةِ؛ إِنَّمَا لا تجوزُ لمعنًى فِي الأوقاتِ؛ وهُوَ أنَّ الشمسَ إِذَا طلعتْ، تطلعُ ومعَهَا قرنُ (٩) الشيطانِ؛ فإِذَا ارتفعتْ فارقَهَا، وإذا (١٠) استوتْ قارنَها (١١)، فإِذَا زالتْ فارقَها (١٢)، وإذا (١٣) دنتْ للغروبِ قارنَها (١٤)، وإِذَا غربتْ فارقَهَا (١٥)؛ فَلِذَلِكَ أثّرَ ذلكَ النقصانُ المتمكنُ (١٦) فِي الوقتِ فِي حقِّ الفرائضِ والنوافلِ.


(١) فِي (ب): (بالفوائت).
(٢) الأُسْطُوانة: السارية معروفة، وهُوَ من ذلك، واسطوان البيت معروف، وَقِيلَ: أُسْطُوانة من حجارة أو آجر، وجمعها السواري. وفِي الحديث: أَنَّهُ نَهَى أَن يُصَلَّى بَيْنَ السَّوَارِي، يريد إِذَا كَانَ فِي صلاة الجماعة لأجل انقطاع الصف. لسان العرب لابن منظور (١٣/ ٢٠٨)، (١٤/ ٣٨٣).
(٣) التَّرَبُّعُ: هُوَ الجلوس المعروف، وهُوَ اسم فاعل من تربع، وتربع مطاوع: ربع؛ لِأَنَّ صاحب هَذِهِ الجلسة قد ربع نفسه، كَمَا يربع الشيء إِذَا جعل أربعا، والأربع هنا: الساقان والفخذان، ربعهمَا بمعنى أدخل بعضها تحت بعض. انظر: " المطلع على ألفاظ المقنع؛ للبعلي" (ص: ١٠٧).
(٤) فِي (ب): (لا).
(٥) فِي (ب): (آخره).
(٦) فِي (ب): (وعظيم).
(٧) يقول صاحب الهداية: (لِأَنَّ الكراهة كانت لحق الفرض ليصير الوقت كالمشغول به لا لمعنى فِي الوقت فلم تظهر فِي حق الفرائض وفيمَا وجب لعينه كسجدة التلاوة وظهرت فِي حق المنذور لأَنَّهُ تعلق وجوبه بِسَبَبِ من جهته). ينظر: "الهداية في شرح بداية المبتدي للمرغيناني" (١/ ٤٢).
(٨) فِي (ب): (وهو).
(٩) فِي (ب): (ومنها قرب).
(١٠) فِي (ب): (فإذا).
(١١) فِي (ب): (قاربها).
(١٢) (فإِذَا زالت فارقها): ساقطة من (ب).
(١٣) فِي (ب): (فإذا).
(١٤) فِي (ب): (قاربها).
(١٥) ينظر: "فتح القدير، لإبن الهمام الحنفي" (١/ ٢٣٤)، و"البحر الرائق؛ لإبن نجيم المصري، ومعه تكملته للقادري" (١/ ٢٦٢).
(١٦) فِي (ب): (الممكن).