للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والدليل على هذا: ما ذكره في الذخيرة فقال: إذا حلب المرتهن الشَّاة التي هي رهن بإذن الراهن وشربه فلا ضمان عليه ولا يسقط شيء من الدين، أو فعل الرَّاهن بنفسه، ولو فعل ذلك بغير إذن الراهن وجب عليه الضمان فيكون رهنًا عند المرتهن محبوساً [بالدَّين] (١) مع الشَّاة، وكذلك لو فعل الراهن ذلك بنفسه بغير إذن المرتهن ضمن قيمته وتكون القيمة رهنًا عند المرتهن مع الشَّاة (٢).

ثم التقييد بالشَّاة إنما تظهر فائدته في جانب الضمان فيما إذا حلبها بغير إذنه حتى أن المرهون لو كان أمة فأرضعت صبي المرْتَهِنِ بغير إذن الراهن لم يحتسب به؛ لأنَّ لبن الآدمي لا ثمن له.

[[حكم الزيادة في الرهن وصورته]]

(وَتَجُوزُ الزِّيَادَةُ فِي الرَّهنِ (٣) (٤) صورته إذا رهنه ثوباً بعشرة يساوي عشرة ثم زاد الراهن المرتهن ثوباً آخر ليكون مرهونًا مع الأول بالعشرة، ففي القياس لا تصح هذه الزيادة وهو قول زفر -رحمه الله-؛ لأنَّه لابد من أن يجعل بعض الدين بمقابلة الزيادة ليكون مضمونًا به، وذلك متعذر مع بقاء حكم الرهن في الثوب الأول لبقاء القبض والدين، فهو نظير ما لو ناقضه الرهن في الثَّوب أو تبادلا رهنًا [برهن] (٥) على ما بينا، وهذا في الحقيقة بناء على أصل زفر -رحمه الله-: أنَّ الزيادة في الثَّمن والمبيع لا تثبت ملحقاً (٦) بأصل العقد وقد بيناه في البيوع.

وفي الاستحسان: وهو قول علمائنا الثلاثة: (٧) تثبت الزيادة في الرهن في حكم الدين؛ لأن تراضيهما على الزيادة بعد العقد بمنزلة تراضيهما عليه عند العقد، ولو رهن (٨) في الابتداء ثوبين بعشرة جاز الرهن وانقسم الدين على قيمتهما فكذلك ههنا ينقسم الدين على قيمة الأصل وقت القبض (٩) (وَعَلَى قِيمَةِ الزِّيَادَةِ وقت (١٠) القَبضِ (١١) وهذا بخلاف ما إذا تبادلا رهنًا برهن فلم يوجد هناك التراضي منهما (١٢) على ثبوت حكم الرهن فيهما جميعًا كذا في المَبْسُوط (١٣).


(١) سقط في (ب).
(٢) يُنْظَر: العناية شرح الهداية (١٥/ ١٠٢)، البناية شرح الهداية (١٣/ ٥٤)، الفتاوى الهندية (٥/ ٤٦٨).
(٣) بداية المبتدي (٢٣٨).
(٤) قال الإمام القدوري: وتجوز الزيادة في الرهن، ولا تجوز الزيادة في الدين عند أبي حنيفة ومحمد، ولا يصير الرهن رهنا بهما. وقال أبو يوسف: تجوز الزيادة في الدين أيضاً. مختصر القدوري (١٣٩).
(٥) زيادة في (ب).
(٦) وفي (ب) (ملتحقا).
(٧) هذا المصطلح إذا أطلق عند الحنفية يراد به: أبو حنيفة، وأبو يوسف، ومحمد بن الحسن.
يُنْظَر: مصطلحات المذاهب الفقهية؛ لمريم الظفيري (ص ٩٤).
(٨) وفي (ب) (رهنه).
(٩) وفي (ب) (العقد).
(١٠) كذا في (أ) و (ب)، أما في متن بداية المبتدي (يَومَ).
(١١) بداية المبتدي (٢٣٨).
(١٢) وفي (ب) (عنهما).
(١٣) يُنْظَر: المَبْسُوط؛ للسرخسي (٢١/ ٩٦، ٩٧).