للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي «الذَّخيرة» محالاً إلى «المنتقى» رجل ضرب إنسانًا فسقط على الطَّريق ميتا يضمنه وإن عطب إنسان بالمقتول أو بثيابه فإن كان حين ضربه سقط ميتا أو سقط حياً فلم يستطع أن يبرح حتَّى مات مكانه، فإن دية الثَّاني الذي عطب على عاقلة القاتل، وإن كان يقدر على أن يقوم فلم يقم حتَّى مات مكانه فكأنه حي به المقتول، ولو أن رجلاً مرَّ في الطَّريق فسقط مَيِّتا من غير جناية أحد فعطب به إنسان لم يضمن لا الميِّت ولا عاقلته ولو سقط حيا ثم مات ضمن عاقلته من عطب به (١).

[[سقوط الميزاب]]

(وَإِنْ سَقَطَ المِيْزَابُ نُظِرَ (٢) إلى آخره، فحاصل مسألة الميزاب على أربعة أوجه على القسمة العقليَّة وذلك لأنَّه: إمَّا إن علم إِنْ أصابه الطَّرف الدَّاخل الذي يلي الحائط أو علم أنَّه أصابه الطَّرف الخارج من الحائط أو (أَصَابَهُ الطَّرَفَانِ جَمِيعاً) أو (لَمْ يُعْلَمْ بِهِ أَيُّ طَرَفٍ أَصَابَهُ (٣) من الدَّاخل والخارج والأجوبة مذكورة في الكتاب (٤).

وعدم الضَّمان فيما أصابه الطَّرف الدَّاخل دون الخارج؛ لأنَّه غير متعد فيه لمَّا أنَّه وضعه في ملكه وإن كان مسبباً للإتلاف لكن المسبب للإتلاف إذا لم يكن متعدياً لا يكون ضامناً.

بخلاف ما إذا أصابه الطَّرف الخارج؛ لأنَّه مسبب وهو متعدٍّ في التَّسبيب؛ لأنَّه شغل هذا طريق المسلمين بصنعه فكان بمنزلة ما لو بنى حائطا مائلاً إلى الطِّريق فسقط على إنسان فمات وهناك يضمن كذلك ههنا؛ (لأَنَّهُ لَيْسَ بِقَاتِلٍ حَقِيقَةً (٥).

وإنَّما قَيَّد به؛ لأنَّه لو كان قاتلاً حقيقة يستوي فيه الملك وغيره في وجوب الكفَّارة في الخطأ وحرمان الإرث كما في الرمي.

فإن قلت: لمَّا لم يكن قاتلاً حقيقة وجب أن لا يضمن، أو لما وجب الضَّمان لوجود القتل منه حكمًا ينبغي أن تجب الكفارة وحرمان الإرث كما هو مذهب الشَّافعي -رحمه الله- (٦) فما وجه الفرق لعلمائنا بين وجوب الضَّمان ههنا وعدم وجوب الكفَّارة وعدم حرمان الإرث؟


(١) يُنْظَر: الفتاوى الهندية (٦/ ٤٣).
(٢) بداية المبتدي (٢٤٨).
(٣) بداية المبتدي (٢٤٨).
(٤) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٤/ ١٩١).
(٥) الهداية شرح البداية (٤/ ١٩١).
(٦) قال الامام الشيرازي: واختلف أصحابنا فيمن قتل مورثه فمنهم من قال: إن كان القتل مضمونا لم يرثه؛ لأنه قتل بغير حق، وإن لم يكن مضمونا ورثه؛ لأنه قتل بحق فلا يحرم به الإرث؛ ومنهم من قال: إن كان متهما كالمخطئ، أو كان حاكما، فقتله في الزنا بالبينة لم يرثه؛ لأنه متهم في قتله لاستعجال الميراث، وإن كان غير متهم بأن قتله بإقراره بالزنا ورثه؛ لأنه غير متهم لاستعجال الميراث، ومنهم من قال: لا يرث القاتل بحال وهو الصحيح، لما روى ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم-: قال: «لا يرث القاتل شيئا». المهذب (٢/ ٢٤). وينظر: الحاوي الكبير (٨/ ٨٦)، التنبيه (١٥١)، روضة الطالبين (٦/ ٣١).