للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ثبوت الشفعة للمسلم والذمي]

(والمسلم والذميُّ في الشفعة سواء).

وقال ابن أبي ليلى: «لا شفعة للذمي». ويقول: «لأن الأخذ بالشفعة رفق (١) شرعي فلا يثبت، لمن هو منكر لهذه الشريعة، وهو الكافر» (٢).

[ثبوت الشفعة للصغير والكبير]

ولكنا نأخذ بما قضى به شريح، وقد تأيَّد ذلك بإمضاء عمر -رضي الله عنه-، ثم أهل الذمة قد التزموا أحكام الإسلام فيما يرجع إلى المعاملات، والأخذ بالشفعة من المعاملات، وهو مشروع لدفع الضرر، والضرر مدفوع عنهم، كما هو مدفوع عن المسلمين، كذا في «المبسوط» (٣) و «الصغير» و «الكبير»، [أي] (٤): سواء. وهذا عندنا.

وقال ابن أبي ليلى: «فإنه كان يقول: لا شفعة للصغير؛ لأن وجوبها [لدفع ضرر] (٥) التأذي بسوء المجاورة، وذلك بين الكبار دون الصغار، ولأن الصغير في الجوار تبع، فهو في معنى المستعير والمستأجر» (٦).

ولكنا نقول: سبب الاستحقاق [متحقق] (٧) في حق الصغير، وهو الشركة أو الجوار من حيث اتصال ملكه بالمبيع على وجه التأبيد؛ فيكون مساويًا للكثير في الاستحقاق به أيضًا، ثم هو محتاج إلى الأخذ لدفع الضرر في الثاني عن نفسه، وإن لم يكن محتاجًا إلى ذلك في الحال، ولمثل هذه الحالة جاز للولي (٨) [من] (٩) تزويج الصغير والصغيرة، فكذلك ثبت في (١٠) حق الشفعة، كذا ذكر في الباب الأول من شفعة «المبسوط» (١١).

وكذلك ثبتت الشفعة عندنا للجنين أيضًا؛ لأنه ذكر في باب (الوكالة بالشفعة) من شفعة «المبسوط» (١٢).

وإذا كانت الشفعة لورثته (١٣) فهم (١٤) الصغير والكبير والحبل الذي لم يُولد بعدُ، فهم في الشفعة سواء؛ لأن الجنين من أهل الملك بالإرث؛ فباعتبار الملك يتحقق سبب استحقاق الشفعة من جوار أو شركة، وإذا وضعت الحبلى حملها، وقد ثبت نسبه من الميت يتركهم في الشفعة، وإن كان الوضع بعد البيع لأكثر من ستة أشهر؛ لأنا [بما حكمها] (١٥) بثبوت نسبه (١٦) من الميت، فقد حكمنا بالإرث له، ولكونه (١٧) موجودًا عند البيع، فهو بمنزلة ما لو كان بعض الشركاء في الدار غائبًا، فأخذ الحاضر الدار المبيعة، ثم حضر الغائب فله أن يأخذ [حصته من] (١٨) ذلك، والعبد (١٩) إذا كان مأذونًا، أي: يستحق العبد المأذون الشفعة، هذا إذا كان بائع الدار غير المولى، فالمسألة تجري على عمومها، أما إذا كان البائع مولى العبد، والعبد شفيعها، فللعبد الشفعة إذا كان عليه دين، وإلا فلا. هكذا ذكر في باب (الشهادة في الشفعة) من شفعة «المبسوط»، فقال (٢٠): «وإذا باع الرجل دارًا، وله عبد تاجر وهو (٢١) شفيعها، فإن [كان] (٢٢) عليه دين فله الشفعة، وإن لم يكن عليه دين فلا شفعة له؛ [لأن ماله] (٢٣) لمولاه إذا لم يكن عليه دين، فكما أن البائع لا يأخذ ما باع بالشفعة في هذه الدار، فكذلك [عبده لا] (٢٤) يأخذ، [وإذا كان عليه دين فالغرماء أحق بكسبه، وللغرماء حق الأخذ بالشفعة في هذه الدار، فكذلك للعبد أن يأخذها] (٢٥) لنفعهم (٢٦)، يوضحه أن الأخذ بالشفعة بمنزلة الشرى، وشرى العبد من مولاه إذا لم يكن عليه دين باطل، بخلاف ما إذا كان عليه دين، فكذلك حكم الأخذ بالشفعة.


(١) في (ع): «وفق».
(٢) ينظر: المبسوط: ١٤/ ٩٣.
(٣) ينظر: المصدر السابق: ١٤/ ٩٣.
(٤) ساقطة من: (ع).
(٥) في (ع): «الضرر».
(٦) ينظر: المبسوط: ١٤/ ٩٨، ٩٩.
(٧) زيادة من: (ع).
(٨) في (ع): «للمولى».
(٩) ساقطة من: (ع).
(١٠) في (ع): «له».
(١١) ينظر: المبسوط: ١٤/ ٩٩.
(١٢) ينظر: المصدر السابق: ١٤/ ١٦٤.
(١٣) في (ع): «لورثة»، وهو الصواب. ينظر: المصدر السابق: ١٤/ ١٦٦.
(١٤) في (ع): «فيهم»، والصواب: منهم. ينظر: المصدر السابق: ١٤/ ١٦٦.
(١٥) في (ع): «إذا حكمنا».
(١٦) في (ع): «النسب».
(١٧) في (ع): «وبكونه».
(١٨) مطموسة في (أ).
(١٩) في (ع): «العبد» بدون الواو.
(٢٠) ينظر: المبسوط: ١٤/ ١٢٢.
(٢١) في (ع): «هو» بدون الواو.
(٢٢) زيادة من: (ع).
(٢٣) في (ع): «فإن مولاه».
(٢٤) في (ع): «للعبد أن».
(٢٥) ساقطة من: (ع).
(٢٦) في (ع): «شفعتهم».