للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[فصل [في حكم وكالة الرجلين]]

لما ذكر حكم وكالة رجل واحد ذكر فِي هذا الفصل حكم وكالة الرجلين لمَّا أنَّ الاثنين بعد الواحد فكذلك حكمها (وَإِذَا وَكَّلَ وَكِيلَيِنْ فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيما وُكِّلَا بِهِ دُونَ الْآخَرِ) (١).

[[مسألة وكالة الإثنين]]

اعلم أن هذا الحكم الذي ذكره فيما إِذَا وكلهما بكلام واحد فِي دفعة واحدة بأن قال: وكلتكما ببيع عبدي هذا أو بخلع امرأتي، أمَّا إِذَا وكلهما بكلامين كان لكل واحد منهما [على الانفراد] (٢) أن يتفرد فِي التصرف وبه صرح فِي المَبْسُوط (٣) فِي بَابِ الوكالة بالبيع والشراء فقال: وإِذَا وكل رجلاً ببيع عبده ووكل آخر به أيضاً فأيهما باعه جاز؛ لِأَنَّهُ رضي برأي كل واحد منهما على الانفراد حين وكله ببيعه وحده، وهذا بخلاف الوصيّين إِذَا أوصى إلى كل واحد منهما فِي عقد على حده حيث لا يتفرد واحد منهما بالتصرف فِي أصح القولين؛ لِأَنَّ وجوب الوصية بالموت وعند الموت صارا وصيين جملة واحدة وهاهنا حكم الوكالة يثبت بنفس التوكيل فإِذَا أفرد كل واحد منهما بالعقد استبد كل واحد منهما بالتصرف؛/ لِأَنَّ الموكل رضي برأيهما لا برأي أحدهما، حتى أنَّ الرجل إِذَا وكل رجلين ببيع أو شراء فباع أحدهما أو اشترى أحدهما والآخر حاضر لا يجوز إلا أن يجيز الآخر وفِي المُنْتَقَى (٤) وكَّل [رجلين] (٥) ببيع عبده فباعه أحدهما والآخر حاضر فأجاز بيعه جاز وإن كان غائباً [عنه] (٦) فأجاز لم يجز فِي قول أَبِي حَنِيفَةَ -رحمه الله- كذا فِي الذَّخِيرَةِ.

وذكر فِي المَبْسُوط (٧) ولو وكَّل رجلين ببيع شيء وأحدهما عبد محجور عليه أو صبي لم يجز للآخر أن يتفرد ببيعه؛ لِأَنَّهُ ما رضي ببيعه وحده حتَّى ضمّ إليه رأي الآخر، ولو كانا حُرَّينِ فباع أحدهما والآخر حاضر فأجاز كان جائزًا؛ لِأَنَّ تمام العقد برأيهما.


(١) يُنْظَر: بِدَايَةُ المُبْتَدِي (١/ ١٦٢).
(٢) [ساقط] من (أ) و (ب).
(٣) يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (١٩/ ٩١).
(٤) كتاب المنتقى في الفقه الحنفي لمُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أحمد، أبو الفضل المروزي السلمي البَلْخي، الشهير بالحاكم الشهيد، قاض، ووزير، كان عالم مرو، وإمام الحنفية في عصره، ولى قضاء بخارى، (ت ٣٣٤ هـ)، جمع فيه مصنفه نوادر المذهب الحنفي، بعد مطالعته في ثلاثمائة جزء مؤلف، والكتاب مفقود حسب ما ذكر ذلك الغزي في الطبقات السنية. يُنْظَر: الطبقات السنية (١/ ٤٥)، كشف الظنون (٢/ ١٨٥١)، الفوائد البهية (ص ٣٠٥).
(٥) فِي (أ) (رجل).
(٦) [ساقط] من (ج).
(٧) يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (١٩/ ٨٠).