للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[عادة ضم الجيد إلى الرديء]]

قلنا: إنَّ تضرر البائع إنما جاء من قبل تدليسه، فلا يعتبر في حق المشتري، وهذه النكتة يقتضي أن يتمكن من رد المعيب قبل قبضهما أيضاً، لكن لو قلنا [به فيما قبل القبض يلزم تفريق الصفقة قبل التمام، فلا يجوز ذلك، كما في خيار الشرط والرؤية؛ لأن الصفقة فيهما غير تام،] (١) وإن اقترن القبض بهما. وأما في خيار العيب فإن الصفقة تتم بالقبض [لوجود تمام الرضا من المشتري عند صفة السلامة، كما أوجده العقد، بخلاف خيار الشرط والرؤية، فلما تمت الصفقة بالقبض] (٢) في خيار العيب لم يكن بالتفريق بأس بعد القبض؛ لأن ذلك تصرف من المشتري ابتداء في ملكه، ولما كان كذلك تعلق جواز التفريق بقبض المبيع، وعدم الجواز بعدم قبض المبيع.

وعن أبي يوسف - رحمه الله - أنه قال: "إن وجد العيب بالمقبوض اعتبر الآخر مقبوضاً حتى كان له أن يرد المعيب خاصة، وإن وجد العيب بغير المقبوض اعتبر الآخر غير مقبوض حتى لا يرد المعيب خاصة؛ لأن الوجهين تعارض موجب (٣) العمل بهما" (٤)، والصحيح جواب الكتاب (٥) وهو إطلاق قوله: فإنه يأخذهما أو يدعهما؛ لأنهما لما تعارضا بقي على ما كان، وهو عدم ولاية الرد، إلى هذا أشار شمس الأئمة (٦) وفخر الإسلام (٧) رحمهما الله - على ما مر إشارة إلى ما ذكر في خيار الرؤية بقوله: لأن الصفقة لا تتم مع خيار الرؤية قبل القبض وبعده، وما ذكر بعده بخطوط، بخلاف خيار العيب؛ لأن الصفقة تتم مع خيار العيب بعد القبض، وإن كانت لا تتم قبله؛ وذلك لأن الصفقة تتم بالرضى، والرضى يتم بالعلم، والعلم يثبت بالرؤية، وقبل الرؤية لا علم له، فلا تكون له رضاً، فلا تتم الصفقة بدون الرضى، علم أن خيار الرؤية مانع تمام الصفقة. [وأما خيار العيب لا يمنع تمام الصفقة] (٨)؛ لوجود تمام الرضا من المشتري عند القبض عند صفة السلامة، كما أوجبه العقد، والأصل صفة السلامة، فكانت الصفقة (٩) تامة بظاهر العقد (١٠).


(١) ما بين المعقوفتين سقط من (ج).
(٢) ما بين المعقوفتين سقط من (ج).
(٣) "فوجد" في (ب).
(٤) ينظر: بدائع الصنائع (٥/ ٢٨٧).
(٥) قال في الهداية: "ومن اشترى عبدين صفقة واحدة فقبض أحدهما ووجد بالآخر عيباً فإنه يأخذهما أو يدعهما". الهداية في شرح بداية المبتدي (٣/ ٩٦٧).
(٦) إذا أطلق اللفظ فيقصد به السرخسي.
(٧) عند الإطلاق يراد به علي بن الحسين البزدوي، وقد سبق ترجمته ص ١١٨. الجواهر المضية في طبقات الحنفية (٢/ ٣٨٠).
(٨) ما بين المعقوفتين سقط من (ب).
(٩) سقطتا من (ب).
(١٠) ينظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (٦/ ٥٩٦).