للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(ومن ترك أربعة أشواط).

أي: من طواف الزيارة،

[ترك أقل أو أكثر الطواف]

(ومن ترك ثلاثة أشواط من طواف الصدر، فعليه الصدقة).

(إظهارًا للتفاوت بين ترك الأقل من طواف الصدر وبين ترك الأقل من طواف الزيارة، فإن في ترك الأقل من طواف الزيارة تجب (١) شاة فيجب في ترك الأقل من طواف الصدر صدقة، ثُمَّ معنى الصدقة هنا هو أن يكون لكل شوط منه نصف صاع من حنطة، وإنما قلنا بالصدقة؛ لأن الدم يقوم مقام جميع طواف الصدر، فلا يجب في ترك أقله ما يجب في ترك كله) كذا في «المبسوط» (٢).

(لأنه واجب) أي: لأن طواف الصدر، وفي الوجه الثاني، وهو ما إذا طاف طواف الزيارة جنبًا.

(لأنه مستحق الإعادة أي: لأن طواف الزيارة الذي طاف جنبًا واجب الإعادة لفحش الجناية، فيقع عما هو المستحق، وإن نواه عن غيره، وفي إقامة هذا الطواف مقام طواف الزيارة فائدة، وهي إسقاط البدنة عنه، ثُمَّ اعلم أن هاهنا أصلًا، وهو أن كل من وجب عليه طواف، وأتى به في وقته وقع عنه سواء نواه أو لم ينوه أو نوى به طوافًا آخر، مثاله أن المحرم بالعمرة أو الحجّة إذا قدم مكة فطاف، ولم ينو شيئًا أو نوى التطوع، فإن كان معتمرًا وقع عن العمرة، وإن كان حاجًا وقع عنه طواف القدوم، وإن كان قارنًا كان الطواف الأول للعمرة ثُمَّ الحجّ (٣)، سواء نوى التطوع أو طوافاً آخر، وإنما كان كذلك؛ لأن عقد الإحرام انعقد لأدائه، فإذا أتى به وقع عما هو مستحق عليه، ولم تتغير نيته (٤) كما إذا سجد ينوي به تطوعاً لم يعتبر نيته، ووقعت السجدة عما هو مستحق عليه كذلك هاهنا، وكذلك في طواف الزيارة إذا نفر في النفر الأول، ثُمَّ طاف ينوي تطوعًا أو لا ينوي شيئاً فهو للزيارة، وإن طاف بعد ذلك تطوعًا فهو للصدر لما بيّنا كذا في «الإيضاح» (٥)، و «المبسوط» (٦).

(وبتأخير الآخر على الخلاف).

وهو طواف الزيارة، ولا يؤمر بالرجوع على ما بيّنا، وهو قوله: (ومن ترك طواف الصدر أو أربعة أشواط فعليه شاة) إلى قوله: (ومادام بمكة يؤمر بالإعادة)، فيعلم منه أن وجوب الشاة فيما إذا رجع إلى أهله، ولا يؤمر بالرجوع إلى مكة لإعادة طواف الصدر، وأما السعي فلأنه تبع للطواف، وهذا لأن إعادة السعي إنما لزمه، وإن كان السعي في الأضداد (٧) لا يفتقر إلى الطهارة؛ لأنه متى طاف ثانيًا صار الطواف الأول كأن لم يكن؛ لأن الأول لو لم يصر كأن لم يكن، يلزم اتصاف الطوافين بالفرضية، أو امتناع فرضية الثاني، وكل واحد منهما منتفٍ أما امتناع فرضية الثاني على هذا التقدير فظاهر؛ لأن الأول لو بقي كما كان، والثاني فرض يلزم اتصافهما بالفرضية، وذلك منتفٍ؛ لأن الفرض في العمرة أحدهما، فإذا صار الطواف كأن لم يكن بقي السعي قبل الطواف، فلا يقع به الاعتداد، ولأن السعي إنما كان قربه تبعاً للطواف، وإذا وجب إعادة الطواف وجب إعادة السعي لمكان (٨) التبعية، ولهذا لم يكن قربه بدون الطواف كذا في «الفوائد الظهيرية» (٩) فإن عاد الطواف، ولم يعد السعي كان عليه دم؛ لأنه لما أعاد الطواف فقد نقض الطواف الأول، فإذا انتقض حصل السعي قبل الطواف، فلا يعتبر.


(١) ساقطة من (ب).
(٢) انظر: المبسوط (٤/ ٤٤).
(٣) في (ب): للحج.
(٤) في (ب): بنيته.
(٥) انظر: العناية شرح الهداية (٣/ ٥٦).
(٦) انظر: المبسوط (٤/ ٢٩).
(٧) في (ب): الاعتداد.
(٨) في (ب): لكان.
(٩) انظر: العناية شرح الهداية (٣/ ٥٧).