للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[ردة الرجل وامرأته]]

(وإذا ارتدّ الرّجل وامرأته، والعياذ بالله، ولحقا بدار الحرب فحبلت المرأة في دار الحرب … ) إلى آخره.

قيل: ذِكر دار الحرب وقع اتفاقًا، فإنَّها إذا حبَلت في دارنا ثم لحِقت به بدار الحرب فالجواب كذلك. ولعلَّه يشتمل على فائده، وهي أنّ العلوق متى كان في دار الحرب كان أبعَد عن الإسلام، ومتى كان في دار الإسلام كان أقرب إلى الإسلام باعتبار الدّار لكون الدّار جهة في الاستتباع فالجبر هناك يكون جبرًا (١) هنا بالطريق الأولى، وهذا هو الحكم في الحبل.

وأمّا إذا ارتدّ الزّوجان ولهما أولاد صغار فلحِقا بدار الحرب مع أولادهم الصِّغار فولد لأولادهما أولاد ثم ظهر عليهم، ذكر الكرخي في مختصره (٢) أنّ على قول أبي حنيفة يُجَبر الأولاد الذين خرجا بهم مِن دار الإسلام. وأمَّا أولاد الأولاد، فإنْ أسلموا وإلَّا حبسوا. أّما الأولاد الذين لحق بهم لأنَّا حكمنا بإسلامهم إمَّا تبعًا للدّار [أو] (٣) للأبوين فيُجبرون على الإسلام ولا يُقتلون لأنَّا حكَمنا بإسلامهم في حال لا تَلْحَقهم (٤) العقوبة لضَعف حالهم، فيَمتنِع القتل، ولا يمتنع الجبر على الإسلام كالمرأة. وأمّا أولاد هؤلاء يُجبرون على الإسلام لأنَّهم أولاد من حكم بإسلامهم.

وقال أبو يوسف: لا يُجبر أولاد الأولاد على الإسلام لأنّه لو ثبت الجبر لَثبَت تَبَعًا للجَدّ، وذلك ممتنِع، والموجود في البطن حالةَ اللحوقِ بدار الحرب بمنزلةِ المولود في دار الإسلام لثبوت الإسلام له في البَطن (٥).

قوله: (ولا يُجبَر ولد الولد) وهو ظاهر الرِّواية. ووجهه أنّه لو كان مسلمًا تبعًا للجَدّ كان تَبَعًا لجدّ جدِّه، فحينئذٍ يكون (٦) النَّاس كلُّهم مسلمِين بإسلام آدم، فلا يجبر على الإسلام تَبَعًا للجد. ولا يجبر أيضًا تَبَعًا لأبيه، وَهو الولد الأوَّل، لأنَّ التَّبع لا يَستتبِع غيرَه، والولدان فَيء. أمّا وَلد الولد فلأنَّه كافر أصلي، وأمَّا الولد الأوّل فلأنّه وَلد المرتدَّة، وولد المرتدَّة يُسبى تبعًا للأم لأنّ الولد يتْبَع الأم في الرِّقِّ والحرِّية (٧).


(١) في (أ) "خيرا"، والصحيح ما أثبته. ينظر العناية شرح الهداية (٦/ ٩٢).
(٢) مختصر الكرخي، للإمام أبي الحسين عبد الله بن الحسين بن دلال بن دلهم الكرخي، المتوفى سنة ٣٤٠ هـ، وشرحه الإمام أبو الحسين أحمد القدوري المتوفى سنة ٤٢٨ هـ، والإمام أبو بكر أحمد بن علي الجصاص المتوفى سنة ٣٧٠ هـ. وهو مخطوط.
الفوائد البهية (ص ١٠٨)، تاج التراجم لابن قطلوبغا (ص: ٢٠٠ - ٢٠١)، كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون (٢/ ١٦٣٤).
(٣) في (أ) "و".
(٤) في (ب) "يلحقهم".
(٥) ينظر السير الصغير ت خدوري (ص: ٢١٥).
(٦) في (ب) "يصير".
(٧) ينظر السير الصغير ت خدوري (ص: ٢١٥)، المبسوط للسرخسي (١٠/ ١١٥)، ينظر العناية شرح الهداية (٦/ ٩٢).