للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَوْلُهُ -رحمه الله-: (وَالتَّأْخِيرُ إِلَيْهِ مَكْرُوهٌ) (وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: التَّأْخِيرُ إِلَى هَذَا الوَقْتِ مَكْرُوهٌ، فَأَمَّا الفِعْلُ فَغَيْرُ مَكْرُوهٍ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ (١) بِالْفِعْلِ، وَلَا يَسْتَقِيمُ إِثْبَاتِ الكَرَاهَةِ لِلشَّيْءِ مَعَ الأَمْرِ بِهِ) كَذَا فِي "الإِيضَاحِ"، وَ" المُحِيطِ " (٢) إِلَّا أَنَّ فِي "الإِيضَاحِ" لَمْ يَذْكُرْ لَفْظَ البَعْضِ (٣) بَلْ قَالَ: وَقَالَ أَصْحَابُنَا.

[[استحباب تعجيل صلاة المغرب]]

قَوْلُهُ -رحمه الله-: (وَ) (يُسْتَحَبُّ) (تَعْجِيلُ المغرب)؛ (لِأَنَّ تَأْخِيرَهَا مَكْرُوهٌ):

فَإِنَّ قُلْتَ: لَا يَلْزَمُ مِنِ انْتِفَاءِ الكَرَاهَةِ بِتَرْكِ (٤) التَّأْخِيرِ، الَّذِي هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ التَّعْجِيلِ إِثْبَاتُ الاسْتِحْبَابِ (٥)؛ لِأَنَّ بَيْنَهُمَا وَاسِطَةً، وَهِيَ الإِبَاحَةُ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَمْ يَلْزَمْ مِنْ تَرْكِ تَأْخِيرِ العِشَاءِ إِلَى النِّصْفِ الأَخِيرِ الَّذِي كَانَ تَأْخِيرُهُ إِلَيْهِ يُوجِبُ الكَرَاهَةَ؛ ثُبُوتُ الاسْتِحْبَابِ (٦)، حَيْثُ أُبِيحَ التَّأْخِيرُ إِلَى نِصْفِ الليْلِ مِنْ غَيْرِ ثبُوتِ الاسْتِحْبَابِ، عَلَى مَا يَجِيءُ بُعيْدَ (٧) هَذَا، فَكَيْفَ اسْتَدَلَّ هُنَا؛ عَلَى ثُبُوتِ الاسْتِحْبَابِ بِكَرَاهَةِ التَّأخِيرِ؟

قُلْتُ: الاسْتِدْلَالُ عَلَى ثُبُوتِ المُدَّعِي بِحُكْمِ الضِّدِّ مُسْتَقِيمٌ فِيمَا لَا وَاسِطَةَ بَيْنَهُمَا، وَلَا يَسْتَقِيمُ فِيمَا فِيهِ الوَاسِطَةُ، وَعَنْ (٨) هَذا افْتَرَقَ الاسْتِدْلَالُ فِي حَقِّ المغرب، وَالعِشَاءِ، أَلَا تَرَى أَنَّكَ لَوْ قُلْتَ: هَذَا مُتَحَرَّكٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِسَاكِنٍ يَصِحُّ، وَلَوْ قُلْتَ: هَذَا أَبْيَضُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِأَسْوَدَ لَا (٩) يَصِحُّ؛ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ أَصْفَرَ أَوْ غَيْرَهُ (١٠).


(١) فِي (ب): (غير مأمور).
(٢) ينظر: "المحيط البرهاني لإبن مازة " (١/ ٢٧٥).
(٣) فِي (ب): (بعض اللفظ).
(٤) فِي (ب): (ترك).
(٥) فِي (ب): (الاستحسان).
(٦) فِي (ب): (الكراهة الاستحسان).
(٧) فِي (ب): (بعد).
(٨) فِي (ب): (من).
(٩) فِي (ب): (ولا).
(١٠) انظر: " البناية شرح الهداية للعيني " (٢/ ٤٤).